من المبكر الحكم على الوضع المالي للموازنة عن هذه السنة اعتماداً على أرقام الربع الأول، فهذه الصورة الممتازة قد لا تصمد طويلاً.
تدل أرقام الموازنة عن الربع الأول على ارتفاع الإيرادات المحلية بنسبة 1ر17% علماً بأن الموازنة السنوية تتوقع نمو الإيرادات المحلية بنسبة 12% التي اعتبرناها في حينه شديدة التفاؤل وصعبة المنال.
وتدل الأرقام على أن النفقات الجارية انخفضت عما كانت عليه في نفس الفترة من السنة الماضية بنسبة 4ر4% علماً، بأن الموازنة السنوية سمحت بارتفاع النفقات الجارية بنسبة 5ر2% على أساس تجميد جميع أبواب النفقات الجارية باستثناء الزيادات السنوية للموظفين وعدد محدود من الشواغر في وزارتي التربية والصحة، الامر الذي اعتبر صعب التحقيق بالنظر للضغوطات التي يتعرض لها وزير المالية لتلبية الطلبات التي لا تعرف الحدود.
تنفيذ الموازنة إذن جاء أفضل من الأرقام المستهدفة، وهي ظاهرة جديدة لم نشهدها من قبل، فالأصل أن ترتفع النفقات بتسارع وتنمو الإيرادات بسرعة السلحفاة!.
لو كانت أرقام الربع الأول نموذجاً عادياً لكان معناها ارتفاع معدل الاكتفاء الذاتي، أي نسبة تغطية النفقات الجارية من الإيرادات المحلية من 3ر79% في الربع الأول من العام الماضي إلى 3ر97% في الربع الأول من هذ السنة، وهي نتيجة مفاجئة حتى لأشد المتفائلين، فهل تظل عند هذا المستوى خلال ما تبقى من السنة؟.
يذكر أن المنح المقبوضة خلال الربع الأول من السنة بقيت عند نفس مستوى السنة الماضية بزيادة طفيفة قدرها 1%. لكن ما يلفت النظر ويشكل الجانب السلبي الوحيد في التنفيذ أن النفقات الرأسمالية اقتصرت على 1ر83 مليون دينار، أي أقل من نصف ما تم إنفاقـه في الربع الأول من السنة الماضية، ويعود ذلك لتأخر البرلمان في إجازة الموازنة، مما جمّد الإنفاق الرأسمالي لمدة تزيد عن شهر ونصف، والمرجو عدم تكرار هذا التأخير في المستقبل خاصة وأن المناقشات النيابية المطولة وعشرات الاجتماعات والخطب لا تسفر عن تغيير أرقام الموازنة المقدمة من وزارة المالية.
بنتيجة هذا الإنجاز انخفض العجز قبل المنح بشكل ملموس عما كان في نفس الفترة من السنة الماضية، وتحول بعد المنح إلى وفر إيجابي، مما لم يحدث من قبل. الراي