ولي العهد هو وبعد عمر طويل بإذن الله , ملك المستقبل , ومن هنا فإن الحكمة والحاجة معا تستوجبان إعداده إنسانيا وإجتماعيا وسياسيا وعلى كل صعيد , لتلك المهمة الدستورية الجليله , وذلك هو ديدن الأنظمة السياسية النابهة عبر التاريخ , قديمه وحديثه على حد سواء .
من هنا يبدو أن المبادرة لبناء مؤسسة ولي العهد التي ينتظر أن يقر البرلمان قانونها قريبا , تندرج في إطار تلك المهمه , وعليه , فلا بد من أن يكون للمؤسسة نهجها الفكري الإبداعي الراشد , ومنهجها العلمي المخلص المثابر , وعلى نحو يضع الأمير الشاب في صورة الوطن والإقليم والمنطقة والعالم , وعلى قواعد وطنية أولا , وعربية ثانيا , وفي إطار عقدي ديني إنساني شامل.
وفي ثنايا ذلك كله , تتقدم شعبية الأمير ولي العهد كمهمة أساسية , وعلى المؤسسة أن تتولى مهمة تأصيلها بين العامة , وبالذات الأطر الإجتماعية الشبابية التي ستشكل جمهور المستقبل المتواضل زمانيا بكل تجلياته , ثم بين أوساط الشرائح الإجتماعية كافة في القرى والبوادي والمخيمات والمدن , وتاليا وكتحصيل حاصل , بين القوى العسكرية والأمنية , والطبقات السياسية على إختلاف أنواعها , فالجماهير هي من يصنع القادة وهي من يؤهلهم ويمنحهم الشرعية وصلاحية القرار .
سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني , ولي العهد , شاب واعد تماما , ومن حقه التعرف وعن قرب , على سائر مكونات المجتمع وأنماط حياتها , وطرائق تفكيرها , وهمومها ومصالحها , وذلك هو سبيله القويم لبناء منظومة فكرية انطباعية وعملية عن وطنه الأردن , عن حاضره ومستقبله , عن علاقاته الإقليمية والعربية والدولية , عن موارده وإمكاناته , عن أبنائه وبناته , المخلصين والمترددين , الموالين والمعارضين , الراضين والعاتبين , وهو بذلك , يملك الأهلية العملية لإقتراح الفكر الصائب والرأي السديد , وعن معرفة ذاتية مباشرة لا منقولة أو مكتوبة .
للمؤسسة مهمة ودور كبيران , ولهذا , فإن أولى شروط نجاحها وقدرتها على إنجازهما بكفاية , هو في إختيار القائمين عليها , والذين يفترض أن يكونوا رفعة في كل أمر , أخلاقا ونزاهة وأهلية ووطنية وعروبة وإسلاما , وسموا في الفكر والتفكير وإخلاصا للمهمة , وتميزا في بعد النظر , فنحن نتحدث عن مؤسسة سيكون لها دورها الأميز والأساس , في بناء شخصيه وفكر ملك المستقبل , الأمر الذي يعني علميا , وطن المستقبل .
وعندما يكون الأمر كذلك فهو يقتضي بالضرورة , عناية فائقة في الإختيار وتحديد المهام , ومتابعة الإنجاز .
نتمنى لمؤسسة ولي العهد , التوفيق في المهمة الوطنية الكبرى , وللملك وولي عهده العمر المديد, وللأردن الذي يستحق التفاني من أجله , المنعة والرفعة وتجنب الشرور , بإذن واحد أحد سبحانه