نحن كخبز الشعير .. مأكول مذموم
عدنان الروسان
31-05-2015 01:45 AM
ننتقل من خسارة إلى خسارة، ومن خازوق إلى خازوق في أروقة السياسة والدين والمجتمع والدبلوماسية، وكان من الممكن أن نعزو ذلك إلى سوء الحظ لو كان غيرنا من يتسبب في خسارتنا أو يدق خوازيقنا، ولكن لسوء الحظ أيضا أننا نحن الأردنيون أنفسنا من يخطط لخسائرنا ومن يبحث عنها ومن يزداد سروره كلما ازدادت خسائره، فمن زيارة وزير الأوقاف وإمام الحضرة الهاشمية إلى الأقصى، الزيارة التي كانت اقرب إلى لعب الأطفال منها إلى دبلوماسية الدعم والإسناد للوطن والقيادة، زيارة دمرت في لحظات قليلة ما بنته القيادة في سنوات طويلة وكل ذلك من أجل رغبة جامحة لدى البعض في أن يسجل موقفا مرائيا لنفسه.. ترشيح الأمير علي بن الحسين لرئاسة الفيفا والذي جاءت نتائجه بما لا يسر صديقا ولا يغيظ عدوا وكان من الواضح الجلي لكل مراقب متابع أن حظوظ الأمير أمام بلاتر ضئيلة جدا، لماذا التضحية بمشاعر الأردنيين ومشاعر الأمير من أجل تمنيات نعلم أن وقتها لم يحن بعد.
فريق من المراهقين السياسيين في مناصب عليا في الدولة لا يفرقون بين الرغبات والتمنيات من جهة وبين الواقع من جهة أخرى، بين العشوائية والتخطيط، بين الحقائق والأكاذيب بين الاستراتيجية والتكتيك، هذا الفريق كل همه أن يسجل أهدافا وهمية في شباك الوطن ليصفق لها المسؤولون الأعلى منه فيزداد رصيده في الكذب والنفاق الذي صار يدعون أنه ولاء وفي التلون الذي صاروا يسمونه انتماء وما هما لا بانتماء ولا ولاء بل حسرة وبلاء على الوطن والنظام.
والذين يدبرون هذه الخوازيق يبقون في مناصبهم ولا يحاسبهم أحد و قد تزداد شعبيتهم ومحبتهم في أروقة السرايا العالي ولا يدري أحد لماذا، كنت أتوقع أن يستقيل إمام الحضرة الهاشمية وأن يتقي الله وهو الشيخ الجليل بعد أن شارك في صنع تلك الفضيحة في المسجد الأقصى و قدم للخصوم على طبق من ذهب اهانة ما بعدها اهانة للأردن والأردنيين، كما كنت أتوقع من الصديق العزيز وزير الأوقاف أن يقدم استقالته بل كنت جازما أن لن يفعل شيئا بعد وصوله إلى عمان قبل تقديم استقالته ليقدم مثلا أعلى في الاستقامة والمسؤولية لكن لا
الصديق العزيز ولا حامل الكتب السماوية فكرا مجرد تفكير في ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ثم لماذا نقبل شللا من الهمل في الجانب الفلسطيني نغدق عليهم الجنسيات والعطايا والدعم وهم لا يفوتون فرصة إلا و يعملون ضد الأردن، و يقفون ضد الأردن ونخاصم الجانب الوطني الذي يحب الأردن والأردنيين من الفلسطينيين، لماذا لا نستطيع التفريق بين الخصوم والأصدقاء وبين الحلفاء والأعداء، لماذا يتطاول بعض عملاء المخابرات الإسرائيلية من الفلسطينيين على الأردن ثم يستقبلون في عمان وكأنهم خالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي و يسمح لهم بالتجول والتقول والتنظير وكأنهم من عمالقة الساسة وما هم إلا مخبرون صغار لأجهزة نعرفها ويعرفها الجميع، وكأنه لا يكفينا ما لدينا من فاسدين بل يجب أن نتحمل قرف الفاسدين في السلطة الفلسطينية العالقين فيها والمنفصلين عنها، يحملون الجنسية الأردنية ويعملون ضد الأردن قلوبهم مع كوهين وابتساماتهم لنا، يصلون في الكنيس ويتعشون معنا و"يكاكون عندنا ويبيضون عند غيرنا" ها إذا كانوا يبيضون، لماذا الأردن كخبز الشعير مأكول مذموم .
لا يستطيع الملك وحده أن يقوم بكل أعباء الحكم والملك معا بينما الوزراء و من خلفهم كل يغني على ليلاه، و لا تجد الجهود التي يقوم بها الملك من يتابعها إلا بالأغاني والتصريحات التي تصب في خانة النفاق إياها التي ذكرناها أنفا، أما الإعلام الرسمي فإكرام الميت دفنه حتى لا تفوح من جيفته كل الروائح التي تزكم الأنوف و تجعل منا رواية و حكاية لكل من ليس له عمل إلا التلهي بفضائح المنطقة.
هناك الكثير مما يمكن أن نذكره في هذا السياق و مسلسل الخسائر والخوازيق التي نصنعها نحن و نجلس عليها نحن لا ينتهي، و لا بد للحكومة و رئيسها أن يتنبهوا لذلك و يتخذوا ما يمكن من إجراءات للحفاظ على هيبة الأردن ولا أدري كيف تمر هذه الأمور على دولة الرئيس و نحن الذين عاينا مدى حصافته ونباهته.