اولمرت فـي متاهته : غباء سياسي وضيق أُفق
محمد خروب
18-03-2007 02:00 AM
في محاولة يائسة لانقاذ مستقبله السياسي ، يسعى رئيس حكومة اسرائيل ايهود اولمرت جاهداً لابعاد الأنظار عن الفشل السياسي والعسكري الذي سجله في الأشهر الأربعة الأولى من انتخابه رئيساً للوزراء وبعد أن تصدع حزبه كاديما وبات السؤال الذي يطرح في الدولة العبرية ليس هل يرحل اولمرت بل متى؟.
لهذا يرصد المراقبون مدى التخبط وحال الانفعال والاكتئاب التي تسيطر على الرجل بعد ان غرق في فضائح الفساد واساءة استخدام السلطة وفقدان القدرة على اتخاذ القرار والتعيينات السياسية التي حكمت سلوكه في الوزارات التي تولى قيادتها ثم حملته الاخيرة على المحكمة العليا ومراقب الدولة لانهما وقفا ضد رغبته بطي صفحات الفساد والاخفاقات الكبرى التي وقع فيها ، على نحو باتت الصحف الاسرائيلية تتحدث عن اولمرت كأكثر رؤساء حكومات اسرائيل فساداً وخيبة أمل بل انه الوحيد في تاريخ اسرائيل الذي سجل رقماً قياسياً في انحدار شعبيته التي تكاد تصل الى درجة الصفر 2%فقط .
مطابخ ايهود اولمرت الاستخبارية خرجت علينا بوثيقة قبل ايام تمهيداً لكلمة متلفزة سجلها للمؤتمر السنوي لمنظمة ايباك (لجنة العلاقات العامة اليهودية الاميركية) وهي اكبر لوبي يهودي ومتصهين ، مؤيد لاسرائيل في الولايات المتحدة الاميركية تزعم فيها.. ان الانسحاب الاميركي قبل استقرار الوضع في العراق من شأنه ان يترك اثاراً على الوضع الداخلي في الاردن .
أي هرطقة هذه التي تتحدث بها اوساط محيطة بسياسي ثبت انه من الدرجة العاشرة وليس ثعلباً سياسياً قديماً كما وصف نفسه يوم اول من امس أمام حزبه الذي يحاصره ويدعوه للاستقالة بعد الفشل الكبير الذي حصده طوال ترؤسه الحكومة؟ فالأردن ليس هشاً وليس دولة كرتونية بل هو دولة مؤسسات وتاريخ حافل بالامجاد والحضارة وشعبه يتجذر في ارض منذ الاف السنين وليس دولة مصطنعة او صدفة او جاءت من خلال لعبة امم وادوار انيطت بها، ولم يقم على انقاض شعب آخر او يحتل ارضه ويستوطنها ويشرده في اصقاع الأرض.
والأردن وقف منذ اليوم الأول للازمة العراقية وفي تسعينات القرن الماضي ضد أي حل عسكري لهذه الأزمة، ودعا الى حلول ومقاربات سياسية تلحظ قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي قبل كل شيء ولا تذهب الى خيارات القوة والحروب الدورية لأن القوة وعبر التاريخ قد اخفقت في تحقيق اي انجاز سياسي ولم تسهم في ايجاد حلول للازمات وبؤر التوتر والحرائق المشتعلة..
والأردن حذر من تداعيات الحرب على العراق والتي اذا ما اندلعت فانها ستغرق المنطقة باسرها في ازمات افقية وعامودية وتشكل خطراً على الأمن والاستقرار الدوليين .
وليس الأردن يا سيد اولمرت هو الذي ادعى بأن الحرب على العراق قد حققت الأمن والاستقرار في العراق وفي المنطقة كما زعمت انت شخصياً ذات يوم فيما كان الرأي العام الاميركي والكونغرس بل ووزراء الدفاع واركان الاستخبارات الاميركية يقولون عكس ما ذهبت اليه.
وها انت اليوم تقف الموقف الهذياني ذاته لكن من خلال الغمز من قناة الأردن عبر الزعم بأن الانسحاب الاميركي يشكل خطراً على الأردن..
ليتك تعرف حدودك فتقف عندها وتتخلى عن محاولاتك الفاشلة لانقاذ مستقبلك السياسي فالانسحاب الاميركي من العراق حاصل لا محالة وهو في النهاية سيكون باتفاق بين حكومة العراق وحكومة الولايات المتحدة أما الأردن فيرحب بأي اتفاق يتم في هذا الاتجاه حتى لو بدأ مفعوله منذ اليوم ونحن في غاية الاطمئنان والثقة بما نحن عليه من منعة وقوة في نسيجنا الوطني وقادرون على تحطيم كل محاولات المس بأمننا وبترابنا الوطني كما نجحنا في ذلك طوال السنوات الماضية وخصوصاً ضد اؤلك المتطرفين والمهووسين بأوهامهم وخزعبلاتهم الاسطورية والتوراتية بأن الأردن جزء من ارض اسرائيل الكاملة المزعومة كما كانت تقول ادبيات الحزب الذي كنت عضواً فيه وهو الليكود الذي هو نتاج حركة حيروت الفاشية وحزب الاحرار المتطرف.
يجدر بايهود اولمرت ان يلتفت الى ازمته الشخصية والنفسية المتفاقمة وان يتواضع كثيراً في النظر الى دولته كأنها دولة عظمى تقرر مصائر الاخرين وترتب اوضاع المنطقة فيما تداعيات واكلاف حربه الطائشة في تموز الماضي ما تزال تتواصل وتدحرج المزيد من الرؤوس التي لن يسلم منها رأس اولمرت نفسه.
ولعل اكثر ما يثير الاشمئزاز في تصريحات اولمرت التائه والمكتئب والفاقد البوصلة ، ان كل تصريحاته الهذيانية تهدف انقاذ سفينته الجانحة ورصيده السياسي الذي يبدو انه بدده بكل صفاقة وبؤس وغطرسة وخصوصاً انعدام خياله السياسي على نحو يبعث على الشفقة والرثاء.