facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




د.اربيحات يكتب : الحياري إذ يترجل من الراي الى الراي الاخر


صبري الربيحات
29-05-2015 04:45 AM

.. "الباشا سمير" كما يعرفه الوسط الصحفي والنخبة السياسية في الاردن شخص قليل الحديث.. يستمع جيدا.. ويهتم بالتفاصيل الدقيقة ولا يقدم نفسه على انه مقطوع الوصف او انه عمل كذا وكذا... فلم تتسلل الى وجدانه عدوى الشهرة او النجومية التي فتكت بالكثيرين من اعضاء مهنة المتاعب "النسخة الاردنية".

الصحفيون في الاردن يعرفون بعضهم جيدا.. فهم مرتبطون بعلاقات مهنية داخل مؤسساتهم وعلاقات اقوى خارجها ولدى غالبيتهم علاقات اجتماعية حميمة غنية بالمناسبات التي تتيح لكل منهم ان يعرف الآخرين وسماتهم بعمق ودقة لا تضاهى.

تعرفت على الباشا في مطلع التسعينيات عندما كنا نتردد على المنتدى الصحفي السياسي الاجتماعي الذي اوجده المرحوم محمود سعيد في عين الباشا.. ذلك المكان الذي ارتاده الساسة والصحفيون والتجار والباحثون عن قصص لتقاريرهم او تثقيف انفسهم في القضايا التي لا يتوافر حولها مصادر غير ما يرويها الفاعلون انفسهم.

في مناسبات متعددة كان الباشا يجلس لساعات يستمع لما يقال ولا يزاحم احدا على الحديث دون ان يفوته قول قائل او ادراك الاسرار الكامنة وراء الروايات والقصص التي تروى ومصالح اصحابها.

طوال العقود الثلاثة الماضية كان ابو اسامة يستدخل كل الحكايات واصحابها ويستمع لما دار حوله في المؤسسة الصحفية الاردنية وروايات المندوبين الذين تخصصوا في جلب كل حكايات الدوائر والمؤسسات التي يتابعون مسيرتها يوميا...

في لقاءات الحوار والتحليل التي يتصدرها اصدقاؤنا المتفلسفون كان سمير يجلس كلاعب ورق حذق عينه على كل الكرتات المكشوفة ومنتظرا كشف ما خفي منها وغير متفاجئ عند كشفها وكأنه يدير نظاما معلوماتيا دقيقا لا يحسن غيره ادارته وتشغيله...

الغموض الذي كان يعتري شخصية الباشا دفع باحد اصدقائنا من اللاعبين الرئيسين على مسرح الاحداث هذه الايام ليسألني عن رأيي فيه فقلت دون تردد انه يذكرني بجدي الذي لا اعرفه... كناية عن ان قوته في صمته وفيما لا يقول اكثر مما يقول... اعجب صاحبنا بالوصف وبقي يستخدمه في توصيف ابي اسامة الذي لا يحب الحديث التفصيلي ولا الشروحات الكثيرة فغالبا ما يهتم بسؤال او اثنين حول اي قضية تطرق مسامعه. مما جعله استاذا في فن المحادثة القصيرة التي لا يجيدها الاردنيون على كل مستوياتهم.

خلال السنوات العشر الاخيرة اطل سمير على القطاع الخاص اطلالة ارحب واعجب بعقلية العاملين وروحهم وسيجارهم وربطات اعناقهم الحمراء فقرر في عقله الباطن ان يلحق بهم.. كان حينها قد عمل في مجالس امانة العاصمة ومجلس ادارة الاذاعة والتلفزيون واطل على مخزون التقارير التي رصدت ثراء وتحالفات الصحفيين مع رجال المال والسياسة والقناصل الفخريين والتجار فقرر ان يوجد مرفقا اعلاميا يوظف خبرته ومعرفته التي تراكمت حول المجتمع والسياسة واللاعبين واسلوب العمل.

اجتمع دهاء سمير وخبرته مع حماسة وحيوية باسل العكور الذي ادرك بغرائزه حاجة السوق لموقع اخباري يتسم بالديناميكية ويحقق سبقا اخباريا يتتجاوز بيروقراطية مؤسسات الاعلام التي لم تتمكن من الاحتفاظ بصحفي كباسل ، فكانت عمون التي لم ناخذها على محمل الجد عند ظهورها قبل قرابة عقد من الزمن...

كان البعض حينها يتحدث عن قدرة المواقع الاخبارية على نشر الاخبار وتواصل الناس وفتح حوارات تحرر القراء من رتابة الصحفة الورقية وشكليات النشرات الاخبارية وجمودها الذي جعل منها ما يشبه القصائد الكلاسيكية التي اهتمت بالوزن والقافية اكثر من اهتمامها بالرسائل والمعاني.

عبر السنوات العشر الاخيرة اثبتت "عمون" قدرة استثنائية على الحفاظ على جمهورها وكسب ثقتهم ومتابعة الاحداث وتحقيق السبق الذي جعلها في مقدمة المصادر الاخبارية حول الشأن المحلي والعربي فبنت علاقة مهنية مع جمهورها ومصادر الاخبار في البلاد وخارجها.

قبل اكثر من ثلاثة اعوام تسلم الباشا رئاسة مجلس ادارة ثم رئاسة تحرير الراي التي بدى عليها التعثر بالرغم ان رئيس مجلس ادارتها الاسبق كان شيخ الاقتصاديين...فانتفض الشباب الذين اداموا عمل الصحيفة التي كانت اشبه بمنصة للتوجيه المعنوي لما احسوا به من مغامرات في اداراتها السابقة التي عينت على اسس غير تلك التي تراعى في الصحافة. ...فقد كان المعيار الاهم تنفيع المعينين وليس النهوض بالصحيفة....يومها كان الباشا الى جانب زملاؤه يراعي مصالحهم فقد اعتصم معهم وتحدث باسمهم وبقي رابطا مصيره بمصيرهم.. وفي كل مرة تتجدد الحالة كان الرجل السلطي صاحب الملامح الحادة التقليدية وخلافا لكل التوقعات الى جانب المهنة لا مع السلطة.

اليوم اذ يغادر سمير الحياري موقعه في الرأي فقد صنع تاريخا واتخذ مواقف غير مسبوقة في تاريخ الصحافة الاردنية..

منذ 15 نيسان من العام الحالي حاولت اسرة الراي ان ترسل للحكومة رسالة مفادها.. اذا كانت الحكومات تستخدم الصحيفة كمنصة لشرح سياساتها ومنبرا لعلاقاتها العامة فعليها ان تدرك انها شريكة في المغنم والمغرم... وينبغي ان لا نعاملها كشركة مستقلة ماليا ونملي عليها سياسات تحرير تجردها من موضوعيتها وحيادها وجاذبيتها للقراء..

ما قام به الحياري في اخر ايامه على مقعد رئاسة التحرير درس في المنطق والادارة والسياسة والاخلاق ..

تحية للباشا الذي استحق اللقب قبل ان يكمل المدة ويخضع لمراسيم الترفيع.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :