على الصفحة الأولى من وثيقة الأردن 2025 رسم هرمي يلخص الرؤية المستقبلية التي طلب جلالة الملك صياغتها.
تبدأ قاعدة الرسم بحكومة ذات كفاءة وفاعلية، ثم قطاع خاص ديناميكي ومنافس عالمياً، مما ينتج مجتمعاً آمناً ومستقراً، يتكون من مواطنين منتمين ومشاركين، وبالتالي الوصول عند رأس الهرم إلى أردن مزدهر ومنيع.
لو كان المقصود رؤية مجردة لكان هذا التسلسل كافياً، حيث يمكن أن يقود سلوك الحكومات ورجال الأعمال وصولاً إلى المجتمع الآمن والمستقر إلى آخره، لكن العاملين على إعداد الرؤية ذهبوا لأبعد من ذلك بتحديد أهداف رئيسية وأولويات قطاعية وسيناريو تفصيلي، مما يقع في باب الاستراتيجية، وهم بصدد إعداد برنامج تنفيذي مما يدخل في باب الخطة.
نحن إذن أمام وثيقة تشكل أكثر من رؤية وأقل من خطة، كلف إعدادها أكثر من سنة من الدراسة والتقييم والحوار لتكون دليل عمل وخارطة طريق للسنوات العشر القادمة.
بذلك يكون الجانب الفكري من الموضوع قد استكمل بصيغة مرنة وقابلة للتطوير والتعديل على ضوء المتغيرات، وبقي الجانب الآخر الأهم وهو التطبيق.
الأهداف المرسومة طموحة إلى حد كبير، ولكنها ليست خيالية بل ممكنة، ويقول البعض ان تحقيق نصفها سيكون مكسباً كبيراً، وهو قول يقع في باب التساهل والاعتذار المسبق، فالمسؤولون الذين أعدوا الأهداف والأولويات يعتقدون أنها عملية وقابلة للتطبيق، وأنهم قادرون على تنفيذها، وأنها ليست مجرد واجهة للعرض. وعليه فإن من حقنا أن نرى الاهداف المرسومة قيد التنفيـذ، خاصة وأنه تم إعدادها في ظل أصعب الظروف المحلية والإقليمية، بحيث يمكن تجاوز الاهداف إذا تحسنت الظروف واستقرت الأوضاع كما هو متوقع.
هل نتوقع منذ الآن تغييراً جوهرياً في السياسات والقرارات والتوجهات؟ المفروض أن الحكومة التي رسمت الرؤية تمثل قناعاتها وبالتالي فلا بد أنها تعمل بموجبها قبل صدورها، كل ما هنالك أنه أصبح لدينا أداة لتقييم الأداء وقياسه.
يرى المتشائمون أن صدور الوثيقة هو نهاية المطاف، فقد أعدت الحكومة ما طلب منها إعداده، ولكن دعونا نأمل أن الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع سيأخذون الوثيقة مأخذ الجد، فيقوم كل منهم بدوره لتحويل الرؤية إلى واقع.
الرأي