يسجل لفضائية الجزيرة حرصها الشديد ، على استحضار تفاصيل نكبة فلسطين 1948 ، وإجراء لقاءات مع عدد من اللاجئين الفلسطينيين ممن عاصروا النكبة ، بصفتهم شهود على مأساة العصر ، التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني ، وطرد العدو الصهيوني لأكثر من 750 ألفا من أبنائه من ارض آبائهم وأجدادهم ، إلى أربعة أرجاء المعمورة لاجئين مشردين ، أهمية هذه اللقاءات أنها تجيء في ظل المؤامرة القذرة ، التي ينسج خيوطها العدو الصهيوني مع الإدارة الأميركية المتصهينة لتصفية القضية الفلسطينية ، مستغلا الضعف العربي والانقسام الفلسطيني والنفاق الأوروبي ، وتكشف في الوقت ذاته كثيرا من الحقائق التي طمست أو شوهت ، فالشعب الفلسطيني لم يبع أرضه ، كما يروج المرجفون ، بل بقي متمسكا بها ولا يزال ، ودافع عنها وقدم ويقدم دمه قربانا للأقصى والقدس وفلسطين.
وفي الأرقام فان مجموع الأراضي التي استولى عليها الصهياينة ، سواء بواسطة الاستعمار البريطاني ، وهي أراض أميرية ، أو قاموا بشرائها من أشخاص ليسوا قطعا فلسطينيين ، واغلبهم من عائلات لبنانية "سركيس ، تويني" لا تتجاوز 6% ، وهذا هو السبب الرئيسي لرفض الشعب الفلسطيني وقياداته في ذلك الحين لمشروع التقسيم ، الذي أعطى اليهود %52 من مساحة فلسطين التاريخية ، وللشعب صاحب الأرض %48 بالإضافة لما ذكرنا فان اللقاءات تكشف عن التفاصيل الدقيقة لجرائم العدو وآثارها النفسية المدمرة ، التي دفعت بالشعب الفلسطيني إلى الهجرة هربا من الموت المحقق على أيدي العصابات الصهيونية ، كما حدث في دير ياسين والدوايمة ...الخ.
اسحق رابين يروي في مذكراته كيف استولت العصابات الصهيونية على اللد والرملة ، وأوامر ابن غوريون بقتل المدنيين الذين تجمعوا في مسجد المدينة ، وطرد الأهالي ، مع مواصلة إطلاق النار عليهم ، مما أدى إلى مذبحة لا مثيل لها ، حيث سقط العديد أثناء الهروب ، ولم تعثر عدد من الأمهات على أبنائها ، كل ذلك لتفريغ فلسطين من أهلها ، بعد تهجيرهم إلى دول الجوار ، وهذا ما حدث فعلا ، حيث تم طرد أكثر من 750 ألفا من مدنهم وقراها إلى دول الجوار العربية ، وازالة 660 مدينة وقرية كانوا يسكتونها من الوجود ، وإقامة مستوطنات على أنقاضها لليهود القادمين من أوروبا.
أحاديث اللاجئين المجبولة بالمرارة والخذلان ، وهم يتذكرون وطنهم ، ويلوحون بمفاتيح منازلهم أمام عدسات الكاميرا ، هو رسالة للقيادة الفلسطينية أولا ، وللقيادات العربية ثانيا ، بان اللاجئين الفلسطينيين لن يتخلوا عن حق العودة ، وان هذا الحق المقدس هو الحلم الذي ما غادرهم أبدا ، والأمانة التي حملوها ، وأوصوا أبناءهم وأحفادهم التمسك بها ، والإصرار على تحقيقها ، وافتدائها بالمهج والأرواح ، ومن هنا كان اللاجئون والذين يزيد عددهم في الوقت الحالي عن خمسة ملايين ، الوقود للثورة ، ولا يزالون القابضين على جمر العودة ، وهذا في تقديرنا سر إصرار العدو الصهيوني على المطالبة بإلغاء هذا الحق ، والحملة الظالمة التي شهدناها بعد "أوسلو" ولا تزال ، وبلغت أوجها في كامب ديفيد حيث رفض الشهيد الرئيس عرفات التفريط بهذا الحق ، ورغم ذلك استمرت المؤامرة وكانت ضمانات بوش للمجرم شارون في العام 2004 ، تنص صراحة على إلغاء هذا الحق التاريخي.
استذكار النكبة على لسان الشهود الذين عاصروها ، هو تذكير للقيادة الفلسطينية ، وللقيادات العربية ، والأمة من الماء إلى الماء ، بان الشعب الفلسطيني لم ينس ، ولم يتعب ، ولن يتنازل عن حق العودة ، وان الباطل الصهيوني إلى زوال ، طال الزمان أم قصر.
Rasheed_hasan@yahoo.com
الدستور .