حتى الآن لم أستمع إلى سياسي أو برلماني أو قانوني يتحدث بإيجابية عن مشروع قانون اللامركزية، الذي صاغته الحكومة وأرسلته إلى مجلس النواب، والآن على أولويات الدورة الاستثنائية.
برلماني وسياسي من وزن رئيس مجلس الأعيان عبدالرؤوف الروابدة، ينتقد مشروع القانون، ويؤكد، في أكثر من لقاء، رفضه أن يقتصر دور المحافظين على استقبال شكاوى المواطنين، مطالبًا بإعادة تفعيل دورهم لنجاح عملية اللامركزية مستقبلًا، منوهًا إلى ضرورة عدم تسييس ملف اللامركزية في المحافظات كما سُيِّسَ ملف الأقاليم سابقًا.
رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب الدكتور مصطفى العماوي، الذي ستُقرُّ لجنته مشروع القانون وترسله إلى المجلس، ينتقد المشروع، ويحمِّل الحكومة مسؤولية الصيغة التي أرسلته بها إلى مجلس النواب.
سياسيون كثيرون يبالغون في النقد، ويصفون مشروع قانون اللامركزية، بأنه مركزية المركزية.!
لهذا نحن في مواجهة مشروع قانون، من الواضح انه لم يستوف شروط نجاحه، وقد وضعته الحكومة في حضن مجلس النواب، برغم أهميته القصوى، وتركيز رأس الدولة في اكثر من مناسبة على ضرورة إقراره، لكي يتم استكمال قوانين الاصلاح، للوصول إلى قانون الانتخاب المنتظر.
لم تفتح الحكومة حوارًا حول مشروع القانون، وتركت ذلك لمجلس النواب، الذي بادرت لجانه إلى فتح حوارات ولقاءات في معظم المحافظات مع الفعاليات المختلفة للتوافق على مشروع القانون، واستمعت إلى ملاحظات عديدة سوف تحاول إعادة صياغتها عند مناقشة مشروع القانون.
لا أعرف لِمَ تتعثّر مشاريع قوانين الإصلاح، برغم أن قضايا الإصلاح السياسي في الأردن لم تغب يومًا عن أي كتاب تكليف سامٍ، ولم تغب أيضًا عن برامج أية حكومة أردنية، لكنّ مسار الإصلاح السياسي في الأردن دائمًا يتأرجح بين "خطوة إلى أمام وأخرى إلى الخلف".
الأردن؛ في حالة تمكنّه من النجاح في إنجاز إصلاح سياسي بصورة متوازنة، فإنه يتمتع بأوضاع جيدة من الاستقرار الأمني والوحدة الوطنية والعقلانية، والنضج السياسي، ويتوفر لديه الكثير من التجارب والمؤسسات والبيئات اللّازمة لنجاح الإصلاح السياسي. ولكن؛ برغم ما بُذل من جهود في السنوات الأخيرة للسّير قُدمًا في الإصلاح السياسي، إلّا أن نتائج التفاعل بين توزيعات وهياكل وآليات وقوى الحكم والتأثير في الأردن مع مجمل التطورات المحلية والإقليمية والعالمية الكثيرة، ومع إرادات القوى الشعبية.. لم تثمر حتى اليوم أية نقلة نوعية في هذا الاتجاه.
فالتعديلات كثيرة على القوانين، وهذه تُشكّك كثيرًا في جدية التوجهات نحو الإصلاح، برغم أن وزير تنمية سياسية سابق بشّرنا "أن عام 2010 سيكون عام الإصلاح السياسي في الأردن، من خلال خوض تجربة اللامركزية والمجالس المحلية التي تُعدّ محطة مهمة من محطات الإصلاح السياسي"، فرحل الوزير ورحل عام 2010، وها نحن في منتصف 2015 ولم نَرَ الإصلاح السياسي الموعود. العرب اليوم