قبل أن ينام؛ عاتب نفسه طويلاً: أنتَ متشائم يا أخي.. أنت تنظر للدنيا من منظار شديد السواد.. عوّدْ نفسك أن تفتحَ عينيك على التفاؤل.. مشكلتك من لحظة فرك عيونك وأنت تفكّر بالأسوأ ..المشكلة فيك ..جرّب أن تتعامل مع شروق الشمس على أنه حياة مليئة بالأشياء الزاكية ..!!
ونام وهو مقرّر أن صباح الغد سيكون :(تفاؤل خاوة).. صحيح أنه قاوم عشرين كابوساً؛ لكنه قاوم.. وصحيح أنه تقلّب على جنبيه ستين مرّة ولكنّه صمد في نظرية التفاؤل ..و طلع الصباح ..فرك عينيه ..نظر إلى كل شيء حوله.. تذكّر أنه يجب أن يبتسم استقبالاً لليوم الجديد ..فابتسم ..ذهب للمرآة ..نظر إلى ابتسامته ..ضبطها جيداً .. رأى نفسه جميلاً بالابتسامة.. لام نفسه طويلاً على تفريطه بنعمة الابتسامة ..!
فنجان قهوته وسيجارة وسرحان بتفاؤل ..ما قطع ذلك إلا أحد أطفاله يطلب مصروف المدرسة.. أراد أن يعصّب ولكنه خاف على التفاؤل والابتسامة.. ركض إلى بنطلونه و أخرج من جيبه آخر دينار ..أعطاه لأطفاله وهو يضغط على ابتسامته كي لا تهرب.. وعاد لقهوته و سيجارته و السرحان مع التفاؤل .!
جلست إليه زوجته..أعطاها درساً عن ضرورة التفاؤل والطاقة الايجابية..أقنعها أو أنها سايرته فاقتنعت .. وفي آخر اقتناعها طلبت منه: خبزاً و ليفة جلي و عدساً و إذا تقدر جيب شوية بندورة ..!
كأنه شعر بأنّ ابتسامته تسحل من على وجهه و بسرعة البرق وضع يديه الاثنتين على وجهه و أعادها ..
لحظات .. رقم غريب يرنّ عليه ..أحد ما في البنك ..أمهله يومين .. يومين فقط .. لتسديد الأقساط الثلاثة المتراكمة .. وإلا سيحوّلون الملف كاملاً للدائرة القانونية و طلب عشرة آلاف دينار منه وهو كامل المبلغ.. ضحك بقهر .. واحد مفلّس ومش قادر يدفع 500 دينار لأنه مفلّس.. تقولون له إذا لم تدفع فسنطالبك بعشرة آلاف ..هههههههه..!! منطق لا يحدث إلا في زمن العولمة ..!
ما زال يريد أن يتفاءل .. ولكنه قبل أن يكمل مشوار التفاؤل فإنه يريدكم أن تبحثوا معه عن تلك الابتسامة التي سقطت ولا يعرف أين سقطت ..؟!.
الدستور