أمس الأول فرحت أيما فرح عندما فتحت خزانتي ورأيت بعض الوجوه الجديدة من الاواعي تعتلي الطبقة العليا من الخزانة... فهنا ثوب أخضر يشبه لون الملوخية من غير ليمون، سألت ام العيال عنه «أهذا جديد»؟؟
فذكرتني به، انه نفس الثوب الذي كنت أرتديه العام الماضي.. ثم حاولت تقريب الصورة أكثر عندما فردت الكمّين أمامي، نعم تذكّرته ، انه يعاني من تشوه تصنيعي فهناك كم أطول من الآخر اشتريته من سوق الحرامية في الصيفية الماضية..نظرت إلى الآخر ثوب أبيض مقلم بأزرق يشبه ثوب معتز في مسلسل «باب الحارة» فذكرتني أني اشتريته قبل رمضان الفائت بأيام معدودة، وأنها حوّلت السحّاب العلوي إلى أزرار بمهارة فائقة ..وهذا الثوب المطرز عند «القبّة» جاءني هدية من أحد المعتمرين، وعندما استغرقت وقتاً طويلاً في تذكّره ، قالت لي : أنت كنت تصف ياقته بأنها تشبه زخرفة كتاب التطبيق النحوي لعبد الله الراجحي فتذكرته بسرعة ...
يا الهي لم تبدو ثيابي جديدة وكأنني أقابلها للمرة الأولى مع أنها مستعملة.. باختصار إنها إعادة إنتاج الدهشة...ليس الا....
تقوم ربّات البيوت عادة في نهاية الفصل الشتوي بترتيب جميع الملابس الثقيلة والصوفية والقطنية من بلايز وستر و «جاكيتات» ووضعها في غرفة الخزين..حتى بدايات تشرين..فتغيب هذه الأواعي عن ناظري المستخدم ويفقد الجلد خاصية الاحتكاك المباشر مع هذه الأشياء فينساها..في بداية الصيف تخرج مكانها الملابس الصيفية المخبأة من العام الماضي وتحتل أماكن الشتوية في نفس الخزانة.. فيدهش الشخص من وجودها وكأنها جديدة تماماً ثم يبدأ يتذكر مناسبات شرائها وسلبياتها ورداءة وجودة خيطانها وألوانها وخصائصها...
يبقى على هذا الحال.. حتى نهاية الخريف .. فتعود ربة البيت إلى إخراج الشتوي من جديد ووضعه مكان الصيفي في نفس الخزانة.. فيدهش من نفس القطع المستعملة «اللي كان زهقانها»..ويبدأ يتذكرها ويتذكر مناسبات اقتنائها وسلبياتها ورداءة وجودة خيطانها الخ ..
المسألة باختصار أن غرفة الخزين هي «مخمر النسيان» وان عملية تغيير الأواعي على الرف العلوي من فصل لآخر هي فقط لإعادة انتاج الدهشة عند المستخدم ليس الا...com
الرأي