facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حفل توقيع كتاب "فصول" للمؤلف حسين شاكر


26-05-2015 07:32 PM

عمون- القصة القصيرة جداً بين سطوة الرمز وعفوية السرد. ( فصول) للقاص الفلسطيني حسين حلمي شاكر أنموذجاً. د. عماد الضمور/ أكاديمي أردني. يزداد الاحتفال النقدي بالقصة القصيرة جداً يوماً بعد يوم، ممّا يتطلب دراساتٍ توازي هذا الزخم من الإصدارات، للوقوف على جوانب الإبداع المختلفة في مجال القصة القصيرة جداً، إذ تُثير دراسة هذا الجنس الأدبي كثيراً من الإشكالات والقضايا المهمة، كالوقوف على تعريف فن القصة القصيرة جداً، وملامحها الفنية، ووقضية التجنيس وجذور القصة القصيرة جداً في التراث، وبدايتها في أدبنا المعاصر. فيما يتعلق بالتعريف فإن القصة القصيرة جداً ما تزال في طور التكوّن والتشكّل تبحث عن موقع لها في الإبداع الأدبي المعاصر، إذ إن تداخل الأجناس الأدبية جعل من استخلاص تعريف ثابت للقصة القصيرة جداً أمراً شائكاً، ومع ذلك فإنه يمكن اقتناص أهم ملامح هذا الفن الأدبي، فهي تراعي التكثيف والتركيز والاقتصاد في الكلمات والانتقاء الدقيق والمقصدية الرمزية والتلميح والاقتضاب وقصر الجمل والحذف والاختزال والإضمار، فضلاً عن كونها أكثرَ جُرأة وإثارةً للأسئلة، ممّا يميزها عن فن القصة القصيرة الذي تشترك معه في السمة السردية ذات الصبغة الحكائية، والاستناد إلى المفارقة في التعبير. إنّ المضمون الاجتماعي والسياسي يصبح ذا قيمة فكرية كبيرة إذا وظّف في قالب فني قادر على بعث المشاعر الإنسانية وإنضاج الأفكار وبعثها من جديد في متلقٍ قادر على التأويل أو التحليل، وهذا يعني إمكانية إنتاج النص الإبداعي من جديد. لقد تمكّن فعل القص من روح الشعب الفلسطيني الذي يحيا معاناة الاحتلال وقسوة فعله، ممّا جعل القصص العامية باللهجات الدارجة متداولة بين فئات كثيرة من الفلسطينيين، إذ تنبسط الحياة أمام القاص ليمعن فيها بصره وحواسه وفكره مبرزاً المعنى الكامن وراء الأشياء، ومفسراً كثيراً من الظواهر الشائعة. لعلّ جيلَ المبدعين المعاصرين أشدُّ وعيّاً وأكثرُ اهتماماً بقضايا عصره؛ لما تحمله من صفة مدمرة للذات وتثيره من صداميّة مع الواقع بكلّ متغيراته، إذ لا ننسى أن القصة العربية الحديثة ولدت في بحر السياسة ممّا فرض عليها محاولة السباحة فيه بحثاً عن النجاة من عواصف الواقع المتتالية.

تطرح مقاربة القصة القصيرة جداً كثيراً من الصعوبات النظرية والمنهجية والتطبيقية، فما زال هذا الفن المستحدث في الساحة الثقافية العربية في حاجة ماسة إلى أدوات تقنية وتصورات نظريّة ومفاهيم إجرائية لتقويم نصوص القصة القصيرة جداً ودراستها دراسة موضوعية وفنية. وإذا كان امتحان القصة القصيرة جداً هو الإيصال فإن قصص الكاتب لم تعانِ كثيراً في سعيها لإيصال الفكرة المحورية للمتلقي، فهو يمتلك مقدرة واضحة على الغوص في طبقات المجتمع. القاص الفلسطيني حسين حلمي شاكر في مجموعته القصصية ( فصول) والصادرة عن الآن ناشرون وموزعون عام 2015م، يُبدع قصصاً قصيرة جداً تكتنز رؤيا فكرية عميقة وتستند إلى بناء فني قادر على حمل هذه الرؤيا بما يضمن لها الشيوع وممارسة الكشف. إذ تحمل هذه العناوين إشعاعاتها الخاصة بحيث يشكّل كلٌ منها بقعةَ ضوءٍ تتبدى دلالاتُها وإحالاتُها قريبة من القارئ فيما يتّصل بوظائف وأدوارا لشخصيات الواردة فيها ، وتعدّ مفتاحاً لقراءة القصّة من خلال ما حملته من تلميحات وقرائنَ ودلالات . إذ تميّزت قصص المجموعة بالتنوع الموضوعي، ممّا جعلها تحت عنوانات دالة: حروف، رؤى، تهويمات عشق، مقفّعيّات، ألوان، شعارات. حرص الكاتب من خلالها على نقد سلبيات الواقع، وكشف عوراته محاولاً تطهيره من الألم، وتحصينه بالرؤيا وذلك بالاتكاء إلى أسلوب السخرية حيناً والمفارقة حيناً آخر. تتأتى متعة قصص الكاتب القصيرة جداً بما تبعثه في المتلقي من إثارة فنية توازي الإثارة الفكرية المتضمنة في ثنايا المعنى، والتي جاءت نتيجة حتمية لاقتناص المبدع للحظة الشعوريّة التي تدفع بالمضمون إلى واجهة اهتمام المتلقي ، إذ ينسل المضمون القصصي من ذاكرة حيّة، وبحر عميق الدلالة. تمتلك قصص حسين شاكر مخزوناً فكريّاًُ وثراءً فنيّاً واضحاً وتفاوتاً في الطول والقصر، فضلاً عن تداخل الأنواع الأدبية فيها، وعلاقتها الواضحة بالتراث السردي العربي. حضرت معاناة الكاتب الحياتية في قصصه القصيرة جداً؛ فمعجمه اللغوي وأفكاره وإيحاءاته العميقة تشي بذلك، ولأن الشريط اللغوي لعباراته محدود بحكم أنّه يكتب قصة قصيرة جداً فإنّ الكاتب يلجأ إلى التكثيف في اللغة والتركيز قي الأفكار؛ ليمنح قصصه اتساعاً دلاليّاً وفضاءً واسعاً في التلقي. يستحضر حسين شاكر اللحظة الإبداعية الخاطفة لقصصه بكلّ ما تحمل من عنفوان وحيوية فهو يفيض في المعنى ويختزل في العبارة؛ ليضمن توهجاً لأفكاره واشتعالاً لها في نفس المتلقي. ممّا يُميّز مجموعة الكاتب القصصيّة هو نجاحه في توظيف الحيوان توظيفاً رمزيّاً يتناسب مع رؤيته الفكرية، ويمنح عملية التلقي ثراءً معرفيّاً واضحاً، إذ جعل من أسماء الحيوانات معادلاً موازياً لرؤيته بما يمنحه قدرة على التعبير وإعطاء صورة مكشوفة في الظاهر عميقة في الباطن. وقد ظهرت هذه الرؤية الرمزية للحيوان في قصص الكاتب التي جمعها عنوان ( مقفّعيّات) ممّا يعكس تأثراً واضحاً بكتاب ( كليلة ودمنة) الذي نقله عبدالله بن المقفع من الفارسية إلى العربية. تتفاوت قصص حسين شاكر بين الطول والقصر، وهذا يلتقي مع إشكالية القصة القصيرة نفسها، إذ اختلف النقاد في حجمها، فعندما يلجأ إلى التكثيف والإيجاز فإنه يتخلص من الزوائد اللغوية، ويميل إلى الأفعال ذات الطبيعة الحركية وبخاصة عندما يبحث عن الحرية، كما في قصة ( انتهاك) التي يقول فيها:" توضّأ من تراب الوطن تيمماً، ولّى وجهه نحو القبلة الأولى، أوقفوه بتهمة الردّة وإزعاج الطّرف الآخر"( فصول، ص16). كذلك الحال في قصة( مملكة الغول) التي يستحضر فيها المموروث الشعبي لكن بإسقاطات اجتماعية وسياسية لاذعة. .( يُنظر فصول، ص ص 52 ـ 54). إنّ جوهر التوظيف الشعبي هو في تحميل التراث دلالات معاصرة جديدة، ترتبط بواقعه، ومعاناته المعاصرة، كما في توظيفه للمثل الشعبي:" طلع من المولد بلا حمُّّص" وجعله عنواناً لقصة مستقلة لا يخلو من نقد خفي لكثير من الظواهر الاجتماعية السلبية.( فصول ،ص52). تقوم معظم قصص حسين حلمي على وضوح العلاقة الإسنادية بين المسند والمسند إليه( فعل وفاعل/ مبتدأ وخبر) مع الاقتصاد كثيراً في التفصيلات؛ لينتهي بمفارقة تُحدث مسافة توتر كافية لبعث النص من جديد برؤى مبدعه، كما في قصة( أعمى) حيث يقول:" اكتظّت صالة أحد المعارض بالزّوار الذين تقرر رأيهم شرطاً في اختيار أحسن لوحة، تزاحمت الآراء واشتد التنافس بين الحضور، أزال أحدهم حيرة اللجنة واختار لوحة عن الشمس، أدهش الجميع عندما تبين أنه أعمى، وأنه قد أحس بدفء في المكان"( فصول، 50). فالقصة تعتمد على جمل مكثفة تميل إلى التبئير وصولاً للدلالة المقصودة التي تحث المتلقي على التأويل والاشتراك في إنتاجية النص. ترتبط كثير من جمل المجموعة القصصية بأفعال الحكي والسرد كما في قصة ( إرادة) التي يقول فيها:" كان كسيحاً؛ وكان يحبُّ البرّية، احترف الرّسم، تنقّل بين السهل وبين الجبل، جفّت ألوانُهُ في الصحراء مات ظمأ"( فصول، ص17). ومن المعروف أن الجملة الرمزية تحمل في طياتها دلالات موحية، تحيل إلى عوالم أخرى يفتقدها المبدع، ويبحث عنها، ويحاول استرجاع ما هو مفقود، لذلك فإن رموز القاص في مجموعته القصصية تتحلّق حول الحرية والبحث عنها في عالم تغيب عنه الحرية بمقتضياتها الحقيقية. إن نظرة متأنية لمجموعة (فصول) القصصية تشي بانعكاسات الرمز الفنية والفكرية، كما في قصة (وطن) على سبيل المثال لا الحصر، حيث يقول:" تقدّم مجموعةٌ من الطلاب لدراسةِ التاريخ، خنقتْهم جغرافيا الوطن، وزفراتُ المفاوض، ماتوا، فقبرتهم السياسةُ في غيرِ وطِنهم"( فصول ص45). وفي قصيدة ( أصالة) يتصاعد المستوى الرمزي في القصة إلى مستوى آخر أكثر إيحاءً، حيث يقول:" اجتمع اثنان من كبارِ القطط للبحث في حالة امتلاءِ البيت بالفئران، تقرر أن يتولّى سيد البيت المسؤولية في اتّخاذ إجراءاته لإسكات الكلب ولجمه، والتعهد بألا يتعرّض لأحدٍ، تبيّن بأنّ الكلب مهجّن بنوع غريبٍِ غيرِ مألوف."( فصول، ص 35). فالقاص لم يشأ في قصته الرامزة كشف أبعاد الدلالة الرمزية ؛ لإفساح المجال أمام المتلقي في اكتشاف هذه الأبعاد، وذلك بممارسة قراءة عميقة تتبعها قراءة استنباطية كاشفة للمعنى الخفي بأبعاده الغائرة في النص ودلالاته العميقة، ممّا جعله يتسلح بالرمز في مواجهة الواقع، محاولاً الاقتراب من الحقيقة الجوهرية التي يستعيد من خلالها توازنه واستقراره، ولا شيء أثمن من الحرية لتتجلّى في قالب فني يستحق القراءة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :