( جمعة ) الأقصى تصدمنا ولا تفرقنا .. !حسين الرواشدة
25-05-2015 04:08 AM
ما حدث في الاقصى يوم الجمعة الماضية كان مؤسفا وصادما ايضا، وهو - بالتاكيد - يستحق الرفض والادانة لانه يتنافى مع الاحترام الواجب لحرمة المساجد، فما بالك بحرمة الاقصى الذي يفترض انه يوحدنا، كما انه يتناقض مع اصول الضيافة وضرورة رد التحية بمثلها او باحسن منها، ليس للزائرين فقط وانما للبلد الذي يمثلونه والمواقع الدينية التي يتبوؤونها. واذا كان لايجوز ان نقلل من اهمية ما جرى، باعتباره سابقة لم يشهدها المسجد الاقصى الا في مرات نادرة،، واساءة متعمدة لوفد اردني ذهب للتضامن مع اشقائه المقدسيين ودعم صمودهم، مهما تكن تحفظات بعضنا على مبدأ الزيارة، فانه لا يجوز ايضا ان ننفخ في “كير “ الحادثة ونبالغ في تحميلها ما لا تحتمل، ليس فقط لان الذين تورطوا فيها مجموعة من المحسوبين على خط حزبي له مواقفه التي لا تخفى على احد، وانما ايضا لان مثل هذا النفخ سيجرنا الى فتنة عمياء ندفع جميعا لا سمح الله ضريبتها ونخرج منها خاسرين. قبل ان اسجل ملاحظاتي على ما جرى في الجمعة الحزينة بالاقصى المبارك، اشير الى انني قرأت قبل نحو شهر اعلانا لتنظيم مؤتمر علمي حول المقدسات الاسلامية سيعقد في رام الله، وقد طلب من الباحثين ان يشاركوا فيه، واعتقد ان بعض الشخصيات الاردنية ( وزير الاوقاف وقاضي القضاة ونائبان من البرلمان وعدد من القضاة الشرعيين والاكاديميين) تلقوا الدعوة، وحضروا فعاليات المؤتمر ثم شاركوا في بعض النشاطات هناك، وقد طلب من وزير الاوقاف ان يتولى تقديم درس الجمعة ومن سماحة قاضي القضاة ان يخطب الجمعة، وتم تداول الامر والموافقة عليه، لكن تبين بعد دخولهم الى المسجد ان الاجواء لم تكن كما كان مرتبا لها، ومع ذلك “جازفا” باداء مهمتهما بعد ان شعرا ان الاعتذار سيحرج الاخوة الذين استضافوهم ..ثم حصل ما حصل. للتذكير فقط، فان رئيس الشؤون الدينية في تركيا ( اسمه محمد غورماز) كان القى خطبة الجمعة وامّ المصلين في المسجد الاقصى (14-5) وهي المرة الاولى التي يزور فيها مسؤول ديني منذ اعلان الجمهورية التركية، ولم نسمع آنذاك اي احتجاج من قبل احد المصلين الذين كانوا بالآلاف. اعرف ان السؤال الذي سيقفز على الفور لذهن القارئ العزيز هو : لماذا منع مسؤول ديني اردني من اتمام خطبة الجمعة في الاقصى فيما لم يمنع المسؤول التركي رغم العلاقات التاريخية الطيبة التي تربط الشعبين الاردني والفلسطيني (المقدسي تحديدا)، ورغم الدعم الاردني المتواصل للاقصى والمقدسات، وهو لا يخفى على احد. لا يوجد لدي اجابة يمكن ان اضيفها هنا، لكن وفق التصريحات التي ادلى بها اخواننا الزائرين فان من قاموا بهذا العمل مجموعة من المصلين الذين ينتسبون لحزب التحرير، واذا كان ذلك دقيقا، فان المقدسيين لا يتحملون وزر هذا الخطأ ولا يجوز ان نعممه عليهم، وبالتالي فان القضية يجب ان تفهم في سياقها الطبيعي، وهو سياق سياسي كما يبدو من الوهلة الاولى . هل يبدو ذلك مقنعا..؟ لا ادري، لكن اعود الى تسجيل “3” ملاحظات : الاولى ان زيارة المسجد الاقصى ما زالت في دائرة الاختلاف الديني والسياسي، ويكفي ان اشير هنا الى ان مؤتمر “الطريق الى القدس” الذي عقد منتصف العام الماضي في عمان، وشارك فيه علماء وسياسيون من مختلق انحاء العالم العربي لم يحسم الفتوى حول الزيارة، لكنه اصدر توصيتين مهمتين في هذا الصدد(اضافة لبعض الضوابط) : الاولى تنص على جواز الزيارة للمسلمين المقيمين خارج العالم الإسلامي للقدس الشريف، والثانية على حق الفلسطينيين إينما كانوا في فلسطين أو خارجها ومهما كانت جنسياتهم أن يزوروه ايضا، ما يعني ان سؤال الجدوى من الزيارة ظل مفتوحا حسب منطوق الفتوى لكن احدا لم يتطوع للاجابة عنه بصراحة حتى الان، ناهيك عن ايجاد حالة من التوافق السياسي والديني عليه. اما الملاحظة الثانية فهي انه ليست المرة الاولى التي تقوم فيها شخصيات اردنية سياسية ودينية بزيارة الاقصى( الى جانب شخصيات عربية واسلامية)، فقد تكرر ذلك سابقا دون اية مشكلات، لكن هذه المرة الاولى التي يعتلي فيها مسؤول ديني اردني منبر الاقصى، وربما كان ذلك سببا فيما حدث، وهنا فقد كان من الاولى ان تكون الترتيبات على كافة المستويات افضل، وان تكون الحسابات ادق، وان يكون الجميع اكثر “حكمة” في التعامل مع المسألة، ليس ابدا لان الخطابة غير مشروعة، وانما لانها سابقة تحتاج لما يلزمها من احتياطات وترتيبات واحترازات. الملاحظة الثالثة تتعلق بضرورة فتح ملف الاشراف والرعاية الذي تقوم به وزارة الاوقاف تجاة المسجد الاقصى، وخاصة على صعيد الحراس والمرابطين وادارة الوقف هناك، لا اريد ان ادخل في التفاصيل، لكن اعتقد ان الوزارة تدرك ان ثمة اخطاء حدثت وحان وقت مراجعتها وتصحيحها. ما يهم هنا هو ان ما حدث لا يمكن ان يجرح العلاقة بين الاخوة على طرفي النهر، كما انه لن يمنع الاردنيين الذي ضحوا بدمائهم على اسوار الاقصى من تقديم الواجب لاهلنا هناك، لكن ما اتمناه هو ان نضع ما حدث في اطار القراءة الصحيحة لغايات تصحيح المسارات وتجاوز الاخطاء لا في اطار التوظيف السياسي الذي لايليق بمجتمعنا ولا بعلاقاتنا مع القدس والمقدسيين ولا باخلاقيات السماحة التي نتعامل بها مع اخواننا العرب والمسلمين مهما اخطأوا بحقنا ..فكيف اذا كانوا اشقاء الروح والجسد الواحد ..؟ |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة