تنادون بالتحرر والحرية وتطرقون أبواب العلم وتريدون أن تعتلون شأناً بما تنادون، تبحثون عن التنمية البشرية التي تبدأ بالتحرر، كيف هذا لا ادري؟
كيف تطالبون الحكومات بالحرية وتطالبون بحرية ذواتكم وأنتم لا تعتقون نساءكم الواتي بتن حبيسات لفكركم البدائي...
تريد أن تطبق الحرية وزوجتك ممنوع عليها أن تفتح صفحة على الفيس بوك مثلاً.. ممنوع عليها أن يكون لها كيانها الشخصي.. وحتى ابنتك فيا ويلها لو دخلت شبكات التواصل الاجتماعي باسمها الصريح فإنها عار على العائلة..
ثم تعاودون للتشبث بأفكار جد جدتي بأن البنت عارها على أهلها، كما يقول المثل الرجعي " البنت خيرها لزوجها وعارها على أهلها" ... فتمتد سلطتك على إخوتك الإناث رهينات المنزل، في ذلك السجن الذي تحكمه أنت وأبوك وتعمل فيه أمك خادمة لطلباتكم ..!! ويا ويلها لو قصرت .. ثم تستمر الأهزوجة البائدة وتعلم الأم بناتها استراتيجيات الخنوع، والرضوخ، والدونية ... وبعد هذا كله تأتي عابثاً تنادي بالتحرر، وتلوم الحكومات على قيودها مطالباً بأعلا صوتك بالتحرر، وكأن الحكومات تفرض قيوداً أدهى مما أنت تقترفه بحق أهل بيتك؛ و كتحصيل حاصل بحق ذاتك...
وبعد هذا كله تجلس بحريتك وتحررك لتمارس طقوس الرقي التي تفترضها باحثاً عن صور الفتيات وصفحاتهن، تراسل هذه وتلك.. تقحم نفسك فيما لا يخصك...
ما رأيك أن تبدأ الآن .. تغسل زيف معتقداتك الباطلة وتنهض بنفسك من هذا الوحل قليلاً.. تعتق من حولك نساؤك من فكرك الرجعي .. والذي إذا لم يكن فكر رجعي يكون بدافع الغيرة التي هي مؤشر مباشر على شعورك بالنقص..
فكر فيها قليلاً، فإما أن تعاود لزمن وأد البنات وتحييه، وإما أن تحصّن نفسك برجولتك، وبعدها لن تفتر من وجهك نساؤك لا بل سيتمسكن فيك...
وترد علّي وتقول إنها عاداتنا وتقاليدنا.. إنها نظمنا الاجتماعية ومعتقداتنا... وأي معتقدات زائفة باطلة وأي تقاليد وعادات أرجعتنا كأمة إلى مراحل بدائية، أي تخلف هذا الذي ينتظرنا إذاما استمرينا على هذه الحال...
إن هذه العقول والتي تشكل النسبة السائدة في امتنا العربية هي أسيرة ذاتها، لا هي أسيرة أمريكا ولا اسرائيل بل هي اسيرة الرجعية التي أوصلتنا لما نحن عليه الآن..
أظن أنه جاء وقت قلب المنضدة بما عليها من إرث بائد وتحديداً في إطار التحرر.. حرر عقلك أولاً ثم ارفع رأسك في وجه تحديات العالم...
*يارا عويس – تنمية بشرية.