صراع الفيفا إذ يكشف العَوار العربي
عمر كلاب
23-05-2015 03:51 AM
ليس المطلوب من الأمير علي بن الحسين الفوز برئاسة الفيفا – الاتحاد العالمي لكرة القدم – او رئاسة جمهورية الفيفا كما يطلقون عليها، بعد استشراء فسادها ونفوذها تحت قيادة جوزيف بلاتر، وامتلاكه مقومات رئاسة دولة، فتلك حسابات معقدة يدخل فيها السياسي مع المالي مع النكائي، في عالمنا العربي المسكون بالسلطة والنكاية على قاعدة الفساد بوصف العرب من عشاق هذه المدرسة في القيادة التي تعتمد على المكاسب السلطوية والعائلية على حساب الحكم الرشيد.
فالأمير الشاب ما زال في مقتبل العمر وقادرا على خوض المنافسة مرة اخرى، طبعا هذا لا يمنع تفاؤلنا ودعمنا للخطوة، رغم ذاكرتنا السلبية مع الترشح للمناصب الدولية، فعقلية داحس والغبراء تسكن في العقول والقلوب العربية خاصة دول النفوذ المالي والكروي، وهناك كثيرون يستكثرون على هذه الدولة مجرد البقاء، وليس النجاح والنفاذ من اشتعالات الاقليم وتداعياته، وثمة موروث عربي يحسد الميت على الجنازة المهيبة وسبق لنا ان عانينا من تلك العقلية الحاسدة الباغضة.
الامير يخوض المعركة بدعم اردني واوروبي وبظهر عربي مكشوف، كما تشير تقارير كبريات محطات الاعلام العربية، التي تتفاخر بحظوظ بلاتر القوية، لكنها تغفل مثلا اكمال تصريح رئيس الاتحاد الالماني لكرة القدم الذي قال فيه عن حظوظ بلاتر القوية بالاضافة الى فساده القوى ايضا، خاتما تصريحه بدعم الامير علي الذي يصفه بصاحب البرنامج الانقاذي لجمهورية الفيفا، وتغفل بقصدية معيبة انسحاب منافسه الهولندي لصالحه، ونحن هنا نتحدث عن دول لها مكانتها المرموقة كرويا وسياسيا على مستوى العالم، فالفريق الالماني مرشح دائم للفوز بكأس العالم والفريق الهولندي صاحب وجود كبير في النهائي.
وسط هذه الشهادات للامير علي وبعد الانسحابات من المنافسين لمحاول كسر نفوذ الفساد الكروي، تصمت الاتحادات العربية التي كانت تتحجج بوجود منافسين اوربيين سيشتتون الكتلة الرئيسة المساندة للامير، وبعد توحيد الكتلة الاوروبية، يكشف العرب وجه البسوس التاريخي، ويستقبلون بلاتر بالاحضان ويتسابقون على تقديم الابتسامات له، ربما لو كان ايام حكم الطوائف كاميرا لوجدنا التشابه الكامل بين اجتماعات شاور لضرب مصر ابان رحلة صلاح الدين الايوبي لتحرير القدس ووجوه بعض الاتحادات العربية، بل لربما وثّقت لنا الكاميرا الافتراضية، اجتماع ملوك الطوائف مع فيردينند وايزابيلا قبيل دحر العرب في الاندلس.
المشهد الكروي العربي ليس بعيدا عن المشهد السياسي، فنفس العقلية هي التي تدير الملعبين، وثمار عقل داحس والغبراء حصدنا ثماره في الربيع العربي ضياعا للدول وللدماء الشعبية، وحصدنا من هذا العقل غيابا عن التأثير واستعمارا وتبعية، وسنحصد ما هو اكثر سوءً، فما زال الاستمتاع بمضغ لحم الاخ بشهوانية قائما، وما زال منظر الدم المسفوح مثيرا للغرائز العربية، وما زلنا نتحجج بحر الصيف ونمسح بالخرقة حدّ السيف، وما زلنا ننتظر تلبية نداء امرأة القدس بعد ان لبينا نداء سقوط برجي نيويورك، لكن طريق نيويورك سالك وطريق القدس تشهد تحويلات مرورية كثيرة، فهي تارة سالكة عبر تحويلة افغانستان وتارة عبر تحويلة ايران.
لن تضير النتيجة مهما كانت الاردن والامير، بل ان الدخول في هذه المعركة أكسب الاردن والامير حضورا مُضافا على ساحة كان حضورنا فيها ضعيفا، ولا نتوجس خوفا وقلقا، فلنا تجارب مع الكون ناجحة ومبدعة واحدها قائم اليوم على ارض البحر الميت، فهذا البلد الصغير حجما يقلق المحيط ويبهره في آن واحد، فهو يبهر بهذا النجاح وهذا الاستقرار وهذا التوافق، ويقلق الخصوم لان الاستقرار والتوافق سيفتح الباب للنجاح سواء قبل الداحسيون او رفضوا، وكل الامنيات للامير علي بالتوفيق والنجاح، فهو بالمناسبة نجح في ادخال الاردن بوابة العالمية الكروية. الدستور