أن يتذكر جلالة الملك الثالث من أيار مع المجتمع الدولي "يوم الحريات الصحفية" فهذا يعني أكثر من معنى وأوضح من أي رسالة. إنه يعني أولاً أن ثمة قيما ومفاهيم وحقوقاً للصحفيين وللمواطنين يجب إقرارها وحمايتها والتركيز عليها. فالبحث عن الحقيقة والاسترشاد بها حق, وكشف الفساد حق وتعرية التقصير حق, وهي حقوق للمواطن, على الصحفي أن يقدمها له, بعد التدقيق والتمحيص والوصول الى الهدف.
فالعلاقة بين الصحفي والمواطن علاقة جدلية متبادلة, مثلما هي العلاقة بين الطبيب والمواطن وبين المدرس والمواطن, وبين القاضي والنائب والشرطي مع المواطن, وبين أي مهنة والمواطن تتوسل خدمته وحمايته وتقديم المعلومة أو القرار أو الوجبة أو السلعة نظيفة خالية من السموم والأضاليل والتشويهات.
ثانياً لا بد أن هنالك تجاوزات, مؤذية للصحفي وللمؤسسات وبالضرورة تنعكس على المواطن, فمنع الصحفي من الوصول الى المعلومة, تشويه وتجاوز وتطاول على حقوقه المهنية, وتقديم معلومة مشوهة ناقصة محرفة من قبل الصحفي عن أي شخص أو مؤسسة تجاوز من الصحفي على حقوق غيره, ستؤدي الى التحريض والتخريب والإيذاء, وفي الحالتين يتضرر المواطن صاحب الحق وصاحب الولاية ودافع الضريبة من عدم الوصول الى الحقيقة أو تقديمها مشوهة له, وبذلك تكون النتيجة مساساً بالواجب ومساساً بالحق.
ومن هنا جاءت رسالة الملك تتضمن التركيز على أهمية نبذ أساليب اغتيال الشخصية أو رفض المساس بالوحدة الوطنية, أو معارضة الاعتداء على حقوق الناس وحرياتهم وأعراضهم وكراماتهم, ومطالبته وضع التشريعات الملائمة التي تحمي الاطراف جميعاً وتضع حدوداً فاصلة, تعطي كل طرف حقه دون المساس بحقوق الآخرين, إنها معادلة قد تكون صعبة, لكنها مرتبطة بصعوبة الحياة نفسها وتعقيداتها, ولكنها المعادلة التي تحمي الناس والمجتمع وأمنه الوطني.
لقد تعددت وسائل الإعلام والتعبير وغدت الرقابة على المنتوج الإعلامي تخلفا وتزلفا, ولذلك تبرز أهمية التركيز على المفاهيم والقيم أكثر من التركيز على النصوص والمفردات. فالممنوع عندنا مسموح لدى الآخرين, وباتت المجتمعات مفتوحة على بعضها لا يستطيع طرف منعها من التفاعل مع بعضها البعض, وشيوع المعلومات عن بعضها البعض, وهذا يعيد الاهتمام بمنتوج مؤسساتنا الرسمية الحكومية التي تقف عاجزة عن تقديم رؤية وموقف يحظى باهتمام الأردنيين الذين يجدون أنفسهم بالإعلام المحيط بنا أكثر من الإعلام العاجز عن التأثير على اهتمامات الأردنيين ورغباتهم.
hamadeh.faraneh@alghad.Jo
عن الغد.