تقتضي الهرمية الوظيفية انتقال الموظف من منصب إلى آخر ، ومن درجة إلى أخرى وفق ما يعرف بالترقية والترفيع ، تبعا لمدة خدمته ودرجته وخبراته . وما خبرة الموظف إلا نتاج تراكمية عمله في مؤسسة ما بمجال محدد ، إضافة لمؤهلاته العلمية التي حصل عليها من جامعة أو معهد مختص .
يفترض بانضمام عضو جديد لمؤسسة ما أن يكون وفق شروط تراعي الحاجة وتكافؤ الفرص أمام الجميع ، ووفق مسابقة تنافسية عادلة . وتمضي السنون بعد تولي الموظف عمله ، وتكبر درجته ، وتزداد خبرته نتيجة الممارسة والتدريب ، ليتقلد من المناصب ما يتناسب وخبرته ودرجته . كما يفترض بمن يتقلد مسؤولية ما أن يكون ملما تماما بمهامها وواجباتها الإدارية والفنية ، وعلى ذلك يتوقع أن يكون ابن المؤسسة والذي يعرفها ويعرف العاملين فيها حق المعرفة هو أولى الجميع في تولي المراكز والمناصب الرفيعة فيها . ويتوقع أن يكون في توليه هذه المراكز والمناصب الخير للمؤسسة وللعمل وللعاملين على حد سواء ، فقد قيل قديما : " أهل مكة أدرى بشعابها " ، ولن يبدأ من نقطة الصفر ، بل سيكمل مسيرة من سبقه بوجه عام .
لا تجري الأمور كما يفترض ويتوقع ، إذ يحل على بعض المؤسسات من هبط بمظلة دون المرور في أقسام وفروع ودوائر المؤسسة ، ليتقلد منصبا رفيعا دون سابق خبرة ، أو دون خبرة كافية تؤهله لتولي مقاليد الأمور ، ويتحلق حوله عادة نفر من المطبلين والمزمرين يزينون له سوء عمله ، ويظن صاحبنا أن النساء لم يلدن مثله عبقرية وألمعية ، فيعمل فسادا وإفسادا – بقصد أو بدون قصد – في المؤسسة الوطنية ، وتدفع الخزينة والمؤسسة والزملاء ثمن ما ارتكبه دون رقيب أو حسيب .
إن في الهبوط على المناصب بالمظلة ، هدر للطاقات ، وإحباط للهمم ، وإضاعة للمال ، وظلم فادح للوطن . لماذا لا يلزم كل وزير ومدير إدارة بالعمل على تهيئة العديد من موظفي الصف الأول في دوائر وزارته أو مديريته ، إداريا وعلميا لتولي المنصب التالي لمنصب كل موظف منهم ؟ . وعندما يحين موعد رحيل أي صاحب منصب إلى داره أو إلى الدار الآخرة ، سيكون هناك من يتولى المسؤولية ممن ارتقى السّلم صعودا دون حاجة لمن يهبط بمظلة تمنع أو تحجب جهود وأحقية الآخرين .
haniazizi@yahoo.com