ناصر الدين الاسد .. خادم التاريخ والعربية
د.بكر خازر المجالي
21-05-2015 07:27 PM
نقترب من مئوية الثورة العربية الكبرى ، وسنبدأ القراءة في تاريخها لتقييم ادراكنا لمبادئها وفهمنا لرسالتها ، ولا بد من استذكار كل الجهود التي قدمها العديدون لشرح رسالة الثورة وتوثيقها ، ولكن حين نعود الى البدايات ،نجد ان تاريخ توثيق الثورة قد مضى في ثلاثة مسارات :
الاول : مسار التوثيق من رجالها ومفكريها وقادتها العسكريين ، وقلَّ من كتب من خارجهم في الفترة حتى مطلع الخمسينات .
الثاني : مسار المعاصرين لقادة الثورة ومفكريها والذين كتبوا التاريخ حسب المعلومات الاولية من هؤلاء الرجال ، وعززوها بمصادر البحث من خلال مراكز التوثيق في بريطانيا وتركيا ومصر والمانيا وفرنسا وغيرها .ويمثل هذا الجيل مفكرين امثال روكس بن زائد العزيزي وسليمان الموسى والفقيد ناصر الدين الاسد.
الثالث : مسار التوثيق والكتابة الحديثة ما بعد السبعينات ويأتي مع تزايد خريجي الجامعات وتزايد الهيئات والمنتديات الثقافية وظهور وزارة الثقافة وغير ذلك مما ادى الى توسع مساحة البحث افقيا وكان للثورة العربية الكبرى مساحة جيدة بين الباحثين والكتاب.
واليوم ونحن نقف باحترام واجلال امام فقيدنا العلامة الدكتور ناصر الدين الاسد ، نستذكر جهد والده محمد الاسد في خدمة الثورة العربية الكبرى ، وتقديمه للبيت الذي نعرفه باسم بيت الشريف الحسين بن علي في العقبة ليكون بيت حكم وادارة في تلك الحقبة ، ولا زال بئر الماء الى الجوار يعرف باسم بئر الاسد ، عدا ان البيت والمكان يحتاج لأن يكون متحفا وطنيا بامتياز عن تاريخ الثورة العربية الكبرى بدلا من يكون مقرا لمؤسسات حكومية .
ولكن ما نريد ان نقف عنده هو دور فقيدنا الكبير في تقديم ثقافة تاريخية نوعية بعمق عن تاريخ الثورة العربية الكبرى ، ليس فقط بترجمته لكتاب تاريخي مميز لمؤلفه جورج انطونيوس بعنوان يقظة العرب ، خاصة ان جورج انطونيوس هو اول من حصل على نصوص مراسلات الشريف الحسين مكماهون مباشرة من الشريف الحسين الذي قابله في قبرص اثناه فترة النفي ، وانما ايضا باصداره لكتاب في اوائل الستينات بعنوان الثورة العربية الكبرى شارك فيه مجموعة من الباحثين والمؤرخين اولهم ناصر الدين الاسد ومنهم حازم نسيبة وعدد من الكتاب السوريين واللبنانيين وفيه مقالات وابحاث تقييمية عن تاريخ الثورة العربية بمنهج علمي ينتقل في علمية الثورة الى مستوى انها ثورة فكر ونهضة قبل قبل ان تكون ثورة عسكر.
ناصر الدين الكنز الادبي والتاريخي ترك ارثا يحيا به ونحيا مع ذكراه على الدوام طالما عايشنا رجل علامة عرف عنه تواضعه الجم ،واحترامه وتقديره لكل باحث وتشجيعه لكل جهد وما عرف تاريخ حياته الاقصاء ولا المؤامرة ،بل كان يتطلع الى الكل بمنظار الاب والصديق والمحفز للجميع في مجال الادب والتاريخ .
رحم الله العلامة ناصر الدين الاسد واسكنه فسيح جناته باذنه تعالى واعاننا لان نستفيد
اكثر من مدرسته التاريخية وان نفيد الاخرين على طريقته الطيبة والصادقة.