لماذا لا تعترف السفيرة ؟!ماهر ابو طير
20-05-2015 04:05 AM
قبل ايام وفي محاضرة لها في جمعية الشؤون الدولية قالت السفيرة الاميركية في عمان»اليس ويلز» ان الجماعات الارهابية لم تترك للاردن خيارا سوى مقاتلتها، وهي تقصد هنا بطبيعة الحال مقاتلتها في دول الجوار، وتحديدا سورية والعراق. وتقول ان واشنطن تقف مع الاردن في « قيادته» للحرب على الارهاب، وهي تتعمد هنا استعمال مصطلح «القيادة» باعتبار اننا رأس الحربة في الحرب العالمية على الارهاب. في فقرة اخرى تقول السفيرة...» على الرغم من ان الطريق امامنا لهزيمة داعش وتحقيق اهدافنا الامنية والاقليمية الحيوية الاخرى لن يكون سهلا او قصيرا، الا انني متفائلة اننا سننتصر، والسبب الرئيس لذلك هو قدرة الاردن على مواجهة هذا التحدي». ولان السفيرة لا تنسى ان المعروف مدفوع الثمن، تستذكر في فقرة اخرى المساعدات المالية المقدمة للاردن، باعتبار ان واشنطن لا تقصر مع الاردن في ظل حربه على الارهاب، وتريده آمنا مستقرا، فتجرد لنا دفتر حساباتها. والسفيرة الجديدة في عمان، لديها نفس مشكلة سفراء واشنطن السابقين في عمان، وفي دول اخرى، فإما هم يتعمدون بذكاء طرح تحليلات ناقصة، واما هم يفهمون المنطقة بهذه الطريقة فقط، ولا يريدون التوقف عند مدخلات وزوايا اخرى. من الغرابة بصراحة تشخيص المشهد بهذه الطريقة، والقفز عن الحقائق التي تتحدث عن مسؤولية واشنطن في الوصول الى هذا المشهد، فدخول العراق، والعبث بتكوينه الداخلي والمحاصصة، وانشطار الدولة العراقية بوصفات اميركية ادى الى ظهور ما تعتبره واشنطن ارهابا في العراق، والمشهد السوري لا يختلف كثيرا، فذات واشنطن اسست بيئة حاضنة للارهاب في سورية، لانها تريدها موجهة ضد نظام دمشق، ولان هكذا بيئة تم تمويلها ودعمها لمحاربة الاسد، عادت وتفلتت من الدور الوظيفي المرسوم لها، وباتت تهدد كل المنطقة، فمن الطبيعي هنا، ان تأتي واشنطن وتطرح عنوان محاربة الارهاب، دون ان تعترف على الاقل بسوء الادارة في الاقليم، او حتى تركها لمظالم العراقيين والسوريين حتى تنمو وتكبر وتنفجر تطرفا وارهابا، وقد كان الاولى حل الازمات مبكراً. معنى الكلام بشكل دقيق، ان على واشنطن كلفة في تصنيع الارهاب، ولو بدون قصد، فيما الكلفة النهائية تتنزل على المنطقة، وعلى الاردن تحديدا الذي يصير التصفيق له على دوره في محاربة الارهاب، بديلا عن الاعتراف ان الاردن يتم تحميله فوق طاقته، ويتم شبكه عنوة بكل ازمات المنطقة، بل ويصير هدفا لهذه التنظيمات التي تريد الثأر من الاردن جراء «قيادته» لحرب لم تكن حربه اساسا، ووجد نفسه امامها، فيما التذكير بالمساعدات المالية في سياق الكلام عن الحرب ضد داعش والارهاب، امر محرج، وكأنه يقال ان الدور الوظيفي للاردن مدفوع الثمن، بشكل مسبق، ونعومة الكلام لا تخفي جوهره!. تعرفت على دبلوماسيين اميركيين وسفراء كثر، في عمان وواشنطن ونيويورك، والمشترك بينهم، ان تحليلاتهم على الاغلب تعزل مسبقا، تأثيرات واشنطن في تصنيع الازمات،فواشنطن هنا تطرح نفسها دوما باعتبارها تطفئ الازمات، ولا تتحدث اساسا عن دورها في التصنيع، وهذه سمة اميركية، فالازدواجية هنا في صنع الازمة واشعالها ثم الشراكة في اطفائها، ازدواجية ادت الى اغلب مشاكل المنطقة. ثم ان تعميد الاردن باعتباره رأس الحرب على الارهاب، خطير جدا، لانه يضع الاردن في واجهة الاستهداف لكل هذه التنظيمات، وعلينا ان نعرف منذ اليوم، اي استهداف قد يحدث للاردن لا سمح الله، الفترة المقبلة، سيكون سببه تصدر الاردن لهذه الحرب، واصرار واشنطن والعالم، على جعل عمان الرسمية الوكيل الاول، لهذا العنوان في الاقليم، وهي وكالة ايضا، لا تعد مدفوعة الثمن، مقارنة بما هو مطلوب، حتى وان امضت السفيرة ويلز وقتها وهي تحصي مساعداتها لنا، بشكل مباشر او غير مباشر!. لا احد يدافع عن الارهاب، لكن التحليل المنطقي يقول انه احد نتائج سياسات واشنطن في المنطقة، بقصد او غير قصد، ويا لها من قدرة امريكية فريدة، يشعلون النار، ثم يهبون لاطفائها، ويحولون دول المنطقة الى مجرد دفاع مدني!.
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة