لا أدري لم تذكرّت موقف أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب عندما مرّ بسوق المدينة المنورة فرأى شيخاً كبيراً يسأل الناس حاجته مادّاً يده طلباً للمساعدة ،عندما اقترب منه وسأله:
ما أنت يا شيخ؟.
- قال العجوز: أنا يهودي عجوز ، أسال الناس الصدقة ، لأفي الجزية، ولأنفقَ على عيالي.
قال عمر :
ما أنصفناك يا شيخ.. أخذنا منك الجزية شاباً ثم ضيعناك شيخاً.
وامسك عمر بيد اليهودي، وأخذه إلى بيته وأطعمه مما يأكل ، وأرسل إلى خازن بيتِ المالِ، وقال له: افرض لهذا وأمثاله ما يغنيه ويغني عياله.فخصص له راتبا شهريا من بيت مال المسلمين وأوقف عنه الجزية إلى الأبد.
قبل يومين أوقفني أحد المستثمرين المتضررين من نهب المنطقة الحرة الأردنية السورية بعد سقوط جمرك «نصيب» في يد جبهة النصرة قبل أسابيع ، وعندما شرع بالشرح المفصل لي ...أيقنت ان حجم الخراب أكثر ما كنا نتخيل، وحجم الخسارة يفوق كل الخانات التي يمكن ان توضع أرقام الحساب... يقول المستثمر سُرقت لي 387 سيارة حديثة كانت بطريقها للتصدير تقدر قيمتها ب9 ملايين دينار ..أوكلني بها ملاكها وتجارها للتخليص عليها ونقلها... وعندما سقط الجمرك سرقت جميعها بناقلاتها ونهبت ودخلت الأراضي السورية ... وهناك اكثر من 20 تاجرا فقدوا بضاعتهم وخسروا تجارتهم وباتوا مطالبين بالملايين لأصحاب البضاعة.. حتى اللحظة لا يستطيع هذا الرجل ومعه كل المتضررين من مقابلة مسؤول ... يعدهم بالتعويض او يحل مشاكلهم....الكل يدير ظهره للمشكلة، والكل يفتح يديه كناية عن العجز... فمن ينصف هؤلاء؟... الم تاخذ منهم الحكومة رسوماً وضرائب وجمارك... أثناء رواج تجارتهم واستثماراتهم...فلماذا تتركهم الآن يصارعون الدائنين والبنوك والافلاس والسجن...ثم اين هو دعم الاستثمار والتسهيل والتنشيط وغيرها من التنظير الشفوي الذي لا يصرف الا على أخبار الثامنة....ان لم يجد هذا المستثمر حكومة تحميه وتقف الى جانبه وتحصل له حقه الضائع فكيف له ان يؤمن بفكرة البقاء كلها....
عادة ما يطلق وصف حكومة «تصريف أعمال» على الحكومة الانتقالية التي لا تتخذ قرارات مهمة ولا تجرؤ على اخذ خطوات جادة في الإصلاح أو التصليح....وعلى ما يبدو أننا في هذه الأيام أمام حكومة «تصريف أقوال» لأن أكثر ما تستطيع انجازه في هذه المرحلة هي البلاغة اللغوية ليس الا...
عمر بن الخطاب، يعتذر من عجوز يهودي ويعترف انه لم ينصفه في ضعفه كما استفاد منه في شبابه ...والحكومة هنا تدير ظهرها للمواطن الأردني وتقول له: « الله لا يردّك».... الرأي