خلود خريس تتحدث عن تجنيد الإطفال من قبل الجماعات الإرهابية
18-05-2015 07:24 PM
عمون - القت رئيس جمعية نساء ضد العنف خلود خريس كلمة لها في ندوة حول "دور المرأة في مواجهة التطرف والارهاب" والتي عقدت في المغرب.
وقدمت ورقة حول تجنيد الإطفال من قبل الجماعات الإرهابية، معتبرة ان "داعش نموذج"، وتاليا نص الروقة :
يستحضر قيام تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام المعروف بـ " داعش " بتجنيد الاطفال واحدة من اقسى ظواهر التوحش التي شهدتها صراعات البشرية منذ بدء الخليقة .
يتمثل بعد التوحش في هذه الظاهرة بزج انسان لم يكتمل نمو ادراكه وجسده في حروب لا ناقة له فيها او جمل مما يعني تعرضه لخطر الموت والاصابة في كل لحظة واستخدامه في ارتكاب جرائم تترك اثرا عميقا في نمو شخصيته وسلوكه بعد ابعاده عن الظروف الطبيعية والانسانية للتنشئة.
اجواء السرية و التكتم التي يحاول "داعش" اضفاءها على كيفية استقطاب الاطفال لتجنيدهم لم تحل دون تسريبات وشهادات ساهمت في تكوين صورة حول ما يدور في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم .
والمعلومات التي توفرت من سوريين وعراقيين فروا من تلك المناطق المحرمة على وسائل الاعلام والمنظمات الحقوقية المعنية بمثل هذا الملف تفيد بان هناك بيئة خصبة تم توفيرها للانتهاكات التي تتجاوز الاطفال الى مختلف الفئات العمرية دون التفريق بين جنس واخر .
فلم تعد المدارس وهي عماد التربية تقوم بدورها التربوي والتنويري في تلك المناطق لعدة اسباب بينها :
• سيطرة داعش عليها بحكم وجودها في مناطقها ومحاولة اختطاف دورها من خلال التدخل في المناهج التعليمية بالشكل الذي يلغي العقل ويعزز نزعات التطرف .
• عدم انتظام التعليم في هذه المدارس نتيجة لغياب الامن الاستقرار اللازمين وحاجة اهالي تلك المناطق لابنائهم في قضاء حاجات لها علاقة بمتطلبات الحياة الاساسية التي لم تعد تقدمها الدولة الفاقدة للقدرة والسيادة على اراضيها .
• انسداد الافق امام العملية التعليمية التي لا تفضي مخرجاتها الى تحسين الظروف المعيشية للخريجين وذويهم بغياب المؤسسات الحقيقية وفرص العمل .
يقدر وزير التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة محي الدين بنانة عدد الاطفال السوريين الذين لا يذهبون للمدارس بـ 3,5 ملايين طفل مما يبقيهم ضائعين يسهل خداعهم واستخدامهم .
فرضية غياب المدارس في المدن والقرى العربية ـ المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش ليست استثناء نتيجة لان سكانها جزء من النسيج الاجتماعي العربي ـ تعني بشكل تلقائي ودونما نقاش توسيع دور المسجد باعتباره دار عبادة وتربية سابقة للمدرسة.
لكن حال المساجد في المناطق الخاضعة لسيطرة " داعش " ليس افضل من احوال المدارس اذا لم تكن اكثر خطورة .
ففي المساجد التي تديرها داعش تبدو قبضة التنظيم اكثر احكاما على دار العبادة والمصلين الذين يحرصون على اداء الفريضة مما يخضعهم لمؤثرات الفكر التكفيري .
والواضح ان سهولة استخدام المسجد في التاثير على المصلين فتح شهية التنظيم للتركيز عليه في استقطاب الاطفال وتجنيدهم حيث يتم بين الحين والاخر الاعلان عن دورات شرعية في المساجد تكون في العادة مدخلا لعمليات غسيل دماغ تسبق التدريب العسكري .
لكن هذه الاعلانات ليست الوسيلة الوحيدة التي يستخدمها داعش في استقطاب الاطفال وتجنيدهم فهو لا يتوقف عن ابتداع السبل التي توصله الى هذه الغاية ومن بينها :
• افتتاح مكاتب لتجنيد الاطفال في المناطق التي يسيطر عليها كما حدث في العراق مؤخرا .
• استخدام وسائل التواصل الاجتماعي " فيسبوك " و " تويتر " في خداع وتجنيد المراهقين والمراهقات من ابناء المسلمين في دول بعيدة عن المنطقة ولا سيما الدول الغربية .
• اختطاف الاطفال من ذويهم في المناطق الخاضعة للتنظيم والقيام باعمال غسيل دماغ لهم تمهيدا لتجنيدهم .
• القيام بمصادرة اطفال الاقليات التى وقع عليها ظلم التنظيم كما حدث مع ابناء اليزيديات اللواتي تم سبيهن في العراق وبيعهن في سوق للرقيق .
• استخدام المنشدين كما حدث مع المنشد السعودي ماهر مشعل الشويب الذي انتقل من الانشاد الفني لترويج صورة زاهية للتنظيم لدى الاطفال عبر اليوتيوب .
وهناك عوامل تجعل من استقطاب الاطفال وتجنيدهم حاجة ملحة لتنظيم داعش من بينها :
• تراجع اعداد المقاتلين نتيجة لسقوطهم قتلى بفعل الغارات التي يشنها التحالف الدولي ضد مواقع التنظيم في سوريا والعراق .
• التعقيدات المتزايدة التي تحول دون وصول مقاتلين من خارج سوريا والعراق للالتحاق بالتنظيم .
• التمدد السريع الذي حققه التنظيم في سوريا والعراق الامر الذي مكنه من التحكم باعداد كبيرة من سكان المناطق التي يسيطر عليها وجعله في حاجة لمزيد من المقاتلين لضبط الاوضاع واحكام السيطرة .
ظروف تدريب الاطفال بعد اخضاعهم لعملية غسيل الدماغ ليست اقل بشاعة من طرق تجنيدهم فهي تمتد الى ثلاثة اشهر في الظروف العادية الا انه يتم تقليصها الى شهر في بعض الاحيان ـ كما حدث خلال معارك كوباني ـ ويتم زج المتدربين في جبهات القتال رغم قلة تدريبهم .
وكما هي العادة في مثل هذه الحروب يتم التعامل مع الطفل باعتباره اداة طيعة بعد غسيل دماغه لذلك من غير المستغرب ان تكون نسبة الاطفال مرتفعة بين منفذي العمليات الانتحارية .
تكشف المعلومات التي تتسرب من المناطق الخاضعة للتنظيم عن ميله لتجنيد الاطفال الذين يعانون تشوهات خلقية وتخلفا عقليا حيث لا ياخذ اقناعهم بالقيام بعمليات انتحارية جهدا كبير من قبل مجنديهم بمعنى انهم يتحولون الى الغام يتم تفجيرها في التجمعات البشرية .
لا تقتصر المخاطر التي يتعرض لها الطفل المغرر به على احتمالات مقتله واصابته باعتباره هدفا سهلا لخصوم التنظيم نتيجة لضعف بنيته وقلة تدريبه وتدني قدرته على التعامل مع المفاجآت فهو ضحية في جميع الاحوال .
واذا قام باعمال اقل خطرا من التي تفرض عليه التواجد في جبهات القتال تبقى ارتدادات الوظائف المكلف بها من قبل التنظيم كارثية وذات ترسبات في شخصيته ومن بين هذه الاعمال :
• مشاركة الاطفال في رجم النساء الامر الذي يكرس لديهم شعورا بالتمييز الجنسي ينعكس بشكل تلقائي على علاقة الرجل بالمرأة .
• بعض الذين تم الافراج عنهم من سجون داعش او تمكنوا من الفرار كشفوا عن وجود اطفال يتولون دور السجان .
• يتم استخدام المجندين الاطفال في اعمال وضيعة مثل التجسس على المواطنين .
• بعض المعلومات المتداولة تفيد بان الاطفال الذين يتم تجنيدهم يتعرضون لاعتداءات جنسية .
المخاطر الناجمة عن تجنيد داعش للاطفال لا تقتصر عليهم فهي ممتدة الى كافة شرائح وفئات المجتمع بحيث :
• في كثير من الاحيان يتجسس الاطفال على عائلاتهم ويبلغون عن ذويهم اذا ارتكبوا ما يمس القوانين التي تضعها داعش مثل منع التدخين ويعتقد المجندون الصغار بانهم يقومون بواجب ديني وهم ينفذون مثل هذه المهام .
• في كثير من الاحيان يعلم الاهالي بان ابناءهم مخطوفين لدى داعش الا انهم يخشون الكشف عن ذلك خشية ان يعاقبهم التنظيم .
• نتيجة للظروف المعدمة التي يعيشها الاهالي تحت حكم داعش يرسل البعض ابناءه للالتحاق بالتنظيم لا سيما وان راتب المقاتل في صفوفه يتراوح بين 400 و 1000 دولار شهريا.
ظاهرة تجنيد الاطفال الذين تطلق عليهم بعض وسائل الاعلام اسم " اشبال الخلافة " ليست جديدة فهي من الظواهر الممتدة منذ ظهور تنظيم القاعدة حيث كان يطلق عليهم كتائب " طيور الجنة " في زمن ابو مصعب الزرقاوي الذي وضع اساسات تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام وقبل ذلك سجلت حالات تجنيد اطفال في افغانستان خلال الحرب ضد الاتحاد السوفيتي والحروب الداخلية بين المجاهدين الافغان .
ولا تبتعد مثل هذه الظاهرة عن ظواهر اخرى شبيهة في قارتي افريقيا واسيا الاكثر توترا حيث شهدت الحرب العراقية ـ الايرانية في ثمانينات القرن الماضي زج اية الله الخميني الاطفال لاقتحام حقول الالغام بعد اعطائهم مفاتيح تم اقناعهم بانها تفتح ابواب الجنة .
تكرار هذه الظاهرة في الحروب التي تأخذ طابعا عقائديا لم يشرعنها فهي جريمة حرب في نظر القانون الدولي والمحكمة الجنائية الدولية وتضاف المنظمات التي تقوم بمثل هذه الممارسات الى قائمة العار التي يصدرها الامين العام للامم المتحدة .
يقابل هذه الحقيقة ان التنظيمات الاصولية المتطرفة تبقى قادرة على تكييف افعالها مع الظروف المحيطة بها لا سيما وانها تمتلك مفاهيمها الخاصة للبقاء خارج القانون الدولي فيما تبقى المؤسسات الدولية عاجزة عن وضع حد لهذه التجاوزات في زمن الحروب .
استخدامات تنظيم " داعش " للاطفال تبقي الاكثر خطرا من استخدامات اي تنظيم اخر، فهو التنظيم القائم على التطرف الديني ، والتأثير في المؤمنين بالارهاب والتكفير، ووجود الاطفال الذين يحملون مفاهيمه في صفوفه يعني تفريخا للظاهرة التي ابتليت بها المنطقة، بالشكل الذي يتيح له البقاء سنوات مقبلة .
خلاصة
تجاوزت بشاعة ظاهرة تجنيد الاطفال في المناطق التي يسيطر عليها داعش في سوريا والعراق قدرات المخيلة الاجتماعية والسياسية والتربوية في منطقتنا على تصور الحلول وما زالت معالجة الظاهرة خارج دائرة اولويات التحالف الدولي المناهض للارهاب مما يستدعي جهدا اوسع وخططا استراتيجية يضعها خبراء و مؤسسات دولية معنية بالطفولة، لا سيما وان ترجيحات ديمومة الظاهرة الداعشية تعزز القناعة باننا امام افرازات مستمرة لسنوات مقبلة، تحتاج الى متابعة حثيثة وغوص في تفاصيل واستعداد لمفاجآت قد تحدث خلال حرب القضاء على التنظيم.
• رئيسة جمعية نساء ضد العنف
كلمة خريس:
بسم الله الرحمن الرحيم
"وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ "
صدق الله العظيم
الاخوات والاخوة
الزميلات والزملاء
السادة الحضور
على الخير نلتقي ، وكلنا امل في النجاح ، بتسليط الضوء على تفاصيل جديدة من المخاطر التي تواجه مجتمعاتنا المبتلاة بالعنف والتطرف ، ندق ناقوس الخطر مرة اخرى ، ونخطو خطوة جديدة ، في رحلة الالف ميل ، التي بداناها مع كل الخيرين من ابناء امتنا ، في مواجهة ثقافة القتل والظلام .
لم ينل القتل والدمار من حلم وقف شبح حروب المنطقة ، والحد من تقهقر مجتمعاتنا الى الوراء ، ما هانت عزيمتنا عن دحرجة صخرة سيزيف ، التي نشعر بثقلها كل يوم اكثر من سابقه .
احتفظنا بايماننا في قدرتنا على ايصالها الى قمة الجبل ، لننهض بمجتمعاتنا ، ونحصن افرادها ، وصولا الى حالة من التصالح مع الذات ، والفهم العميق للقيم الانسانية ، الداعمة للسلم المجتمعي .
لقاءنا اليوم في مؤتمركم هذا تعبير عن الايمان المتأصل فينا رغم قناعتنا بصعوبة التحدي الذي نواجهه .
الاخوات والاخوة
الزميلات والزملاء
السادة الحضور
تتسع المخاطر التي تمر بها منطقتنا وتتشعب ، في هذه المرحلة الحرجة ، حيث التوتر ، والحروب ، والنزاعات الاهلية ، وما يتمخض عنها من فقدان لانسانية الانسان وسلامته وامنه .
لم يعد الحديث عن الخطوط العريضة كافيا ، صار لزاما علينا البحث في التفاصيل ، علنا نستطيع المساهمة في تحديد بعض معالم طريق الانتقال، من زمن الى اخر ومن حالة الى اخرى .
الاحاطة بالتحولات المدمرة لبلادنا وانساننا ، المؤثرة في تحديد مستقبلنا ، محاولة تشخيصها ، بحثا عن الحلول ، بات مسالة مصيرية ، نتحملها نحن وغيرنا من ابناء امتنا ، علنا نستطيع اعادة القطار الى سكته ، وانقاذ ركابه من موتهم اليومي ورعبهم المدمر .
الاخوات والاخوة
الزميلات والزملاء
السادة الحضور
يحمل مؤتمركم عنوان "دور المرأة في مواجهة فكر التطرف والإرهاب" الشريك الدائم في تحمل المسؤوليات رغم كل ما يقع عليه من غبن اجتماعي ، اجتهدنا في تحديد المحاور والعناوين الفرعية ، بعد دراسة وبحث ومشورة ، ونعتقد بان المواضيع المطروحة الاكثر الحاحا ، في هذه المرحلة ، وعلى المدى المنظور .
كما هي العادة في كل التحولات السياسية والاجتماعية ، تدفع النساء القدر الاكبر من الثمن ، امنها وسلامتها في مهب الريح ، تتحمل المسؤوليات الجسام تجاه اطفالها وزوجها ، وصورتها عرضة للتشويه والتهميش .
نعود ونكررها مرة اخرى ، اينما حللن ، هن اول الضحايا ، وعنوان المعاناة الانسانية .
الاخوات والاخوة
الزميلات والزملاء
السادة الحضور
لوسائل الإعلام دورها في مواجهة فكر التطرف والإرهاب وللاسرة دورها ايضا ولمؤسسات المجتمع المدني دور في التصدي لظاهرة التطرف والإرهاب واتساع ثقافة اغتصاب وقتل وتهجير النساء في مجتمعاتنا العربية ، مما يهدد بتطبيع العقل البشري مع هذه الانتهاكات ، و يضع على عاتقنا مواجهتها وتعريتها ، وابراز الجوانب المضيئة من تراثنا الفكري والانساني ، كي لا تهزم القيم الانسانية في عقولنا ، ولا تفقد قلوبنا الرحمة ، وهذا اضعف الايمان ، ما دمنا غير قادرين على وقف عجلة الموت والدمار ، التي تجتاح بلادنا ، وندفع ثمنها من استقرار شعوبنا .
على عاتقنا تقع مسؤولية طرح المبادرات ، للتاثير في الراي العام ، عبر كافة وسائل التواصل ، والاتصالات ، وانشاء وسائط جديدة ، اكثر تاثيرا ، كي لا تستسلم ذهنية مواطنينا ، لفكرة اضطهاد النساء ، باعتبارها امرا عاديا ، مسلما به .
الاخوات والاخوة
الزميلات والزملاء
السادة الحضور
مع اتساع ظاهرة تجنيد الاطفال وتحولها الى كابوس تعيشه الامهات ، لم يعد ممكنا المرور عليها مرور الكرام ، ارتاينا ان يكون لها حيزها في نقاشنا ، حاولنا تلخيص المشهد وتكثيفه ، لنستطيع مناقشة ما يمكننا مناقشته ، على مدى يومين ، ونحن نعي بان هناك المزيد من العناوين ، التي تستحق النقاش ، نسابق الزمن ، وكلنا امل بان نلتقي في مؤتمرات لاحقة ، لمناقشة ما فاتنا .
الاخوات والاخوة
الزميلات والزملاء
السادة الحضور
نتمنى لمؤتمركم النجاح والتوفيق ، في