المؤامرة على تراثنا الحضاري
تمّام أحمد الخصاونة
18-05-2015 05:11 PM
كل المنظمات الدولية التي تعنى بالحفاظ على التراث تشجب وتستنكر وتدعو للحفاظ على التراث الحضاري في مناطق الصراعات الساخنة وفي نفس الوقت لا أرى أياً منها يتخذ أي خطوة للحفاظ عليها إلا بعد وقوع الكارثة وضياع التراث!!!!!!
إنما دفعني للحديث عن هذا الموضوع الجدل الحاصل في أروقة المنظمات الدولية التي تعنى بالحفاظ على التراث الحضاري فيما يخص الترقب الدولي لما يمكن أن يحدث إن سيطرة طغمة داعش الخوارج.
ويأتي السؤال هنا: لم تنحى تلك المنظمات هذا المنحى؟؟؟
لم لا تقوم باتخاذ التدابير لمنع وقوع تلك الأعمال التخريبية؟؟؟
إن هذه المنظمات، ومن وجهة نظري الشخصية مشتركه في المؤامرة على تراثنا وهي المستفيد الأول من خراب التراث الحضاري... فلو لم تتعرض المواقع التراثية للخراب، لن تعمل تلك المؤسسات ولن يكون هناك أي داعٍ لوجودها. إذاً فالنتيجة الطبيعية لخراب المواقع أن تبدأ هذه المنظمات بإعداد التقارير واستقطاب الخبراء ووضع خطط للترميم، وكل هذه الإجراءات ستعمل على استقطاب أموال هائلة من المتبرعين ممن هم يعزفون على وجع أمتنا وجرحها النازف.
من المعروف جداً أن الأمم المتحدة تعمل على مراقبة الأوضاع في الدول المتناحرة وتصدر تقارير تحذيرية باحتمالية حدوث حرب أهلية أو صراع من أي شكل، وهذا معروف، واسألوا أي شخص يعمل بإحدى منظمات الأمم المتحدة بأنهم تردهم تقارير تحذيرية بعدم الاقتراب من مدينة ما أو دولة ما لاحتمالية حدوث صراع فيها، وبالتالي فهي تعلم بوقوع الحدث قبل وقوعه على الأقل بثمان وأربعين ساعة كافية لإخلاء متحف أو موقع وتأمين محتوياته أو على الأقل المهم منها... ولكن ذلك لا يحدث، فكما ذكرت سابقاً كيف ستعمل تلك المنظمة إن هي اتخذت الإجراء اللازم قبل وقوع المشكلة؟ من سيدفع رواتب البعثات والخبراء اللذين نهبوا تراثنا حتى صرنا لا نثق بآراء أبناء جلدتنا ولا نقوم بأي عمل إن لم يصدر تقرير من جهة أجنبية اعتبرناها خبيرة علينا نحن صناع الحضارة.
في ظل هذه الظروف الخطيرة التي تحيط بأردننا الحبيب، ورغم استقرارنا والحمد لله، يبرز في تفكيري -ومن باب اختصاصي في حفظ التراث الحضاري- أننا لابد علينا أن نحسب حساب حماية تراثنا الحضاري الأردني واعتباره جزءاً مهماً من منظومتنا الأمنية وأخذ كافة التدابير اللازمة للحفاظ عليه، فمساهمة الأردن في الحضارة الإنسانية لا يمكن أن تغفل وتستحق منا تظافر جهودنا لحمايتها والحفاظ عليها.