العدالة بحروف لاتينيةخيري منصور
18-05-2015 03:47 AM
ما إن فقد وزير العدل المصري منصبه بسبب تصريح جارح عن عمال النظافة وهو أن ابناءهم يجب ألا يعملوا في سلك القضاء حتى سارعت السفارة البريطانية الى الإعلان عن وظائف لهذه الفئة من الشعب، وكأنها ترد بشكل غير مباشر وبأسلوب دبلوماسي على تصريحات الوزير، بالطبع ما من أحد يشارك الوزيرالسابق ما قاله عن شريحة كادحة من الشعب يعود اليها الفضل في جعل البيئة نظيفة وصالحة، وهناك شخصيات معروفة في النطاق العالمي عن نماذج من هذه الفئة، منهم من أصبح زعيما أو فنانا مشهورا أو مثقفا ذا باع في مجاله، لكن حين يأتي هذا الاعتراض من بريطانيا فذلك يعيدنا الى اعرافها المتوارثة، فالقانون فيها غير مدوّن وهو عرف له نفوذ يتجاوز أحيانا الدساتير المدونة، فبريطانيا هي التي اسست لتقليد يستبعد ابناء الشعب البسطاء من دائرة القضاء، ولها شروطها غير المكتوبة لمن يعمل في هذا المجال . وقبل ان تصبح من الامثلة التي يُقاس عليها في الديمقراطية مرّت شأن سواها من بلدان القارة التي وصفها رامسفيلد بـ»العجوز» بأوضاع لم يكن لها اية صلة بالديمقراطية، فحق التصويت وليس الترشح فقط كان حكرا على فئة اجتماعية ، ولقب اللورد يشبه الى حدّ بعيد لقب الباشوية في مصر ما قبل ثورة يوليو حيث كان يُشترى، لكن لوردات بريطانيا منهم من عرض لقبه في المزاد تماما كما أن هناك تقاليد كانت راسخة لزمن طويل في بكنغهام تعرّضت لإعادة النظر ومنها من يسمى حامل فرشاة اسنان الملكة ! وحبذا لو كان الرد البريطاني على الوزير المصري من صميم مهنة القضاء وفي بريطانيا بالتحديد، فالامبراطورية التي شهدت قبل قرون طويلة وثيقة الماكناغارتا وتنازل احد ملوكها عن العرش من اجل الحب وانجبت: شكسبير وبرتراند راسل، هي ذاتها التي مارست استعمارا بالغ القسوة، وسميت بالامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، فهي رغم ما توصف به من المحافظة والحفاظ على التقاليد انجبت جنرالات اقترنت اسماؤهم بأسوأ واقسى حقبة كولونيالية في التاريخ، وبعد ان شاخت واسلمت امرها لمن كانت تستعمره وهو امريكا سخر منها فنانوها ورسامو الكاريكاتير بالتحديد خصوصا بعد ان قدموا مشاهد جارحة لتوني بلير في حرب الخليج . وإذا صح ان فاقد الشيء لا يعطيه فإن الغرب بمجمله عينه كليلة عن عيوبه لهذا لم تقدم بريطانيا حتى الآن اعتذارا عن وعد بلفور الذي شرّد شعبا . ليس من حق وزير العدل بالتحديد ان يقول ما قاله الوزير المُقال، فالناس اصحاب حقوق في أوطانهم وجدارتهم هي معيار اختيار الأنسب منهم !
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة