جامعة مؤتة وإدارة المطالب
د.مهند مبيضين
17-05-2015 05:09 PM
بقليل من الحذر يُكتب عن أزمة جامعة مؤتة؛ إذ هي نتاج واقع متراكم وفشل في ابتداع الحلول وهجرة كفاءات خسرت عليهم الجامعة ملايين الدنانير، وإنفاق لا داعي له.
وهذا الإنفاق بدا شاخصاً منذ بنت الجامعة كلية طب واقترضت من صناديق الادخار. علما أنها كانت تملك كلية خارج حرمها حصلها لها الاستاذ الدكتور عيد الدحيات إبان رئاسته للجامعة من وزارة الصحة، وهناك وجوه انفاق اخرى مختلة، ولكن مؤتة ليست وحيدة في ذلك بل تشابهها جامعات أخرى في ذات الأخطاء.
لكن في حالة مؤتة راهناً، فالأدهى من مشاكل التمويل والديون والهجرة العلمية، أن الأزمة الأخيرة التي تخللها اعتداء غير مقبول على مكاتب نواب الرئيس، أنها فتحت باب التضامن الشعبي مع إدارة الجامعة التي تبدو مرتبكة في إدارتها للأزمة الأخيرة. فيقول الرئيس، انه لا يعلم من اشتكى على بعض الأسماء المودعة الآن بسجن سواقة. وهذا مصيبة إن كان لا يدري.
التضامن الشعبي جاء بتطوع مجلس عشائر الكرك الذي اصدر بياناً يدعم به إدارة الجامعة ويدين الموظفين، والبيان الركيك ذهب لأبعد من التعبير عن موقف داعم للجامعة ورئاستها، للقول، إن ثمة تدخلات خارجية أو أجندات خارجية وراء تحرك الموظفين. الذين قسم منهم مطارد وآخر معتقل ومنهم سيدات فاضلات.
نواب الرئاسة الحائرة ببن توجيهات المحافظ والضغط الاجتماعي ومجلس الأمناء اشتكى بعضهم وفق القانون على من اقتحم مكاتبهم. والإجراءات القانونية لا أحد يختلف عليها أو يرفضها وتصرف الموظفين مدان.
فالجميع ضد إسقاطه هيبة الدولة والمؤسسات لأجل مصالح ضيقة، وأيضاً يتفق الجميع في إدارات الجامعات على اهمية الحفاظ على المؤسسات دون الانهيار وبالتالي ثمة اصطفاف ضد إرهاق موازنة الجامعات والمؤسسات بمطالب حقوقية مالية بأثر رجعي، وبالنسبة لصوت الموظفين تقول رئاسة الجامعة، إنها لم تقصر، والصحيح أنها سعت لمحاولة تعديل التشريعات لصالح موظفيها، لكن الحل ليس بيدها.
لكن الهيبة لا تسقط فقط بإخراج نواب الرئيس من مكاتبهم بالطريقة التي اخرجوا بها أو بإخراج الرئيس أيضا في جامعة أخرى من مكتبة عنوة لكي يتهافت مجلس التعليم العالي لاحقا ومجالس الأمناء في كل من البلقاء ومؤتة وآل البيت لمحاولة البحث عن الحلول، بالرغم من اليقين الجمعي أن اختيار قيادات هذه الجاعمات وغيرها بات يأتي بقيادات ثقة تدير العمل اليومي، لكنها ليست من أصحاب الكفاءة والحس القيادي والصرامة في الأداء والقدرة على حصد التأييد المجتمعي.
هنا يصعد الحديث عن هيبة المؤسسات الجامعية، لكن الهيبة لم يسقطها عمال محتجون، بل سقطت بفعل الإدارات أيضا والتي تظن أنها إن شربت الشاي في خيمة المعتصمين أو شاركت بعزاء محلي فهي محصنة ضد السقوط والنقد وتعظم السخط. فالهيبة سقطت بفعل زحام الرئيس ونوابه على السفر وترتيب كل نائب بسفرة حتى وإن كانت بدون مياومات فالغياب مكلف. والهيبة سقطت حين ظنت إدارة جامعة مؤتة التي عينت في زمن كانت فيه الجامعة مكلومة وللتو خارجة من أحداث عنف راح ضحيتها شاب في مقتبل عمره. واجتهدت حينها بتعيين أربعة نواب رئيس محليين إسكاتا لصوت القبائل في جامعة لم تكن مطالب أهلها يوما مناطقية بل ظلت عربية الانتماء والروح، وفي ذلك القرار تصرف أقل ما يقال عنه إنه رجعي ثاوٍ في الردى والتخلف وسوء التقدير.
والهيبة سقطت لما اشترت الجامعة سيارات مرسيدس موديل سنتها «كما يقال» للنواب الجدد في حين أنها أمام العمال تتعذر بعدم تلبية مطالبهم بسبب الظروف الصعبة ماليا بالإضافة لعدم وجود تشريعات.
الهيبة سقطت -أيضا- لما أنسحبت الجامعة من التأثير الإيجابي بالمجتمع وهذا للانصاف حال كل الجامعات وليس مسؤولية الإدارة الحالية بمؤتة.
الموظفون أيضا عليهم حق. رواتبهم جيدة وهم يقارنون أنفسهم بأعضاء هيبة التدريس، وللعلم بعض المستخدمين يتجاوز راتبهم راتب معلم خدمته عشرون عاما وهذا في أغلب الجامعات.
والموظفون عليهم العلم بأن الجامعة يمكن ان تدار بثلث عددهم، وان الجامعة بتشغيلهم تسهم بدور اجتماعي واقتصادي وأن واجبهم الحفاظ على جامعتهم لكي تعود إلى ألقها ولكي يتوقف نزيف الكفاءات من أعضاء هيئة التدريس، وكي تتفرغ الإدارة للبحث عن عناصر جذب جديدة للطلبة العرب ومصادر التمويل والمنح وليس البقاء في هواجس إدارة المطالب.
أخيرا مؤتة تموت وتشيخ مبكرا. والتدخلات الخارجية في إدارة الأزمة الراهنة، كبيرة والرئاسة لا تقرر شيئا بل تنفذ تعليما، ولكي لا تتعاظم المشكلة وتصبح مؤتة ازمة مفتوحة لابد من طي الملف والصفح والبدء بمرحلة جديدة.
Mohannad974@yahoo.com
الدستور