نكبة 1948 .. لماذا خرجنا؟
أروى الجعبري
16-05-2015 08:23 PM
بدايةً، إعلان دولة إسرائيل على أرض فلسطين المحتلة صدر في 14 / 5 / 1948 في حين كان دخول الجيوش العربية لتحرير فلسطين في اليوم التالي الموافق 15 /5 ، من هنا ندرك أن تسمية نكبة يبدو أنها أطلقت على يوم دخول الجيوش العربية و ليس على يوم إعلان دولة الإحتلال! وهو ، منطقيا ، حقيقي إلى حدٍ كبير ، لكن السؤال الذي لا زال في ضمير كل فلسطينيي النكبة والأجيال التي تبعتهم هو: لماذا خرجنا؟
لعل هذا الخروج بحد ذاته كان هو النكبة الحقيقية لقضية فلسطين حيث أُفرغت من سكانها، وفق مخطط الصهيونية للاستيطان، فهو لم يكن احتلالاً فقط للأسف، بل كان استيطانا تطلب سياسة منظمة لتفريغ الأرض من شعبها وأهلها لإنشاء كيان جديد بحلة جديدة وعقلية جديدة و غريبة في الوقت نفسه عن محيطها العربي، بحيث بدت إسرائيل جسما غريبا غير متوافق مع المنطق الجغرافي أو الإثني أو حتى الديني للمنطقة!
لماذا خرجنا؟ سؤال نطرحه كل ذكرى للنكبة، بعد أن نستذكر النكبات الكثيرة التي لاحقت الشعب الفلسطيني بعد تهجيره من أرضه ، والتي فاقت في وحشيتها وقسوتها النكبة الأولى! وبغض النظر عن التبريرات و التعليلات والتحليلات التي ما زالت تحاول البحث عن إجابات حقيقية لهذا السؤال الشائك، لا بد لنا من القول أن التهجير الأول لم يعد ذكرى لنحتفل بها كل عام بالحزن والندم والوعيد، بل أصبح منذ 1948 هوية الفلسطيني وسمة عصره و ربما مستقبله أيضا ، لأننا منذ الخروج الأول أدمنا الترحال الذي لم يتوقف بين بلاد شقيقة و غير شقيقة بحثا عن الرزق و الأمن و الانتماء.. وربما بحثا عن ما يشبه الوطن وهو الإحساس الذي لا زال يفتقده كل فلسطيني بغض النظر عن جنسيته الحالية أو هويته..
بعد الاحتلال الإسرائيلي انقلبت الآية، وأصبح (شعب الله المختار) المهجًر و التائه بين البلاد و العباد ، شعبا مستقرا في وطن و علم وهوية، في حين تحول شعب الحضارة و الثقافة و الفن و التنوع الديني و الإثني ، المضياف للحضارات و الشعوب التي صهرها جميعا على ساحل فلسطين وألبسها حلته الرائعة الفسيفسائية المتنوعة، أصبح شعبا مُهجًرا في الخيام أولا ثم لاجئا ثانيا ثم متهماً بالتخريب والإرهاب لاحقا ومطارداً فيما بعد.. والله أعلم بما يحمله المستقبل؟
لماذا خرجنا؟ لتصبح قضيتنا شعارا تتشدق به جميع الأحزاب السياسية اليسارية واليمنية على حد سواء، لا لشيء إلا للوصول إلى مصالحها الخاصة في المنطقة، خرجنا أيضا، لنصبح النعرة العنصرية التي تهدد بها الأنظمة أتباعها وشعوبها في حال تعرضت للنقد أو المساءلة، ولتوجه أنظار الناس عن قضاياهم و معاناتهم اليومية إلى القضية (المقدسة) القضية الفلسطينية التي يكفي أن يتبناها أي نظام عربي أو عالمي لتكون جواز مروره وتسلقه للسلطة والخط الأحمر الذي يمنع عنه المساءلة والمحاسبة طالما كان ممثلا (لمحور الممانعة )!!
أتساءل : كيف ستكون خطابات المنطقة لو أننا لم نخرج من أرضنا وثبتنا فيها و حملنا بشرعية لا خلاف عليها، ولوحدنا، هم القضية؟
لماذا خرجنا؟