مما لا يدع مجالا للشك أن النقاش الذي يدور حول الخصخصة نابع من حرص الأردنيين على الحفاظ على صروحهم الوطنية وتراثهم العريق الذي بنوه بعرقهم ودمائهم.

الاستهتار بالتراث الوطني هو الذي أدى إلى العبث بمبنى البرلمان القديم، الذي ما يزال يحتوي على كرسي العرش الذي جلس عليه المغفور لهم الملك المؤسس عبدالله الأول والملك طلال والحسين بن طلال طيب الله ثراهم، وتحويله إلى دائرة حكومية بسطت مكاتبها في الموقع وتبعثرت الأوراق والوثائق التاريخية إلى طابق التسوية، حيث ضاقت الدنيا عليهم ولم يجدوا غير هذا التراث الذي شهد برلمانا هو من أوائل البرلمانات العربية.

وبعد الجدل والنقاش تقرر أخيرا ما كان يجب أن يصار إليه منذ البداية وهو تحويل المبنى إلى متحف وطني.

والآن يدور الحديث حول بيع المدينة الطبية، حيث أسلم المغفور له الملك الحسين الروح إلى بارئها وأجريت للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عملية جراحية حساسة، وعولج فيها عديد من أهم الشخصيات، ليس فقط العربية بل الأجنبية أيضا، كما شهدت المدينة الطبية أول عملية زراعة قلب في الشرق الأوسط.

وأتساءل، لماذا لا نحافظ على ما هو مهم لنا ونورثه لأبنائنا وأحفادنا؟ ولماذا لا تكون منازل رجالات الأردن من هزاع المجالي ووصفي التل وحابس المجالي وغيرهم إرثا وطنيا يحكي كل منزل فيه قصة من تاريخ الأردن؟

هل التراث فقط يافطات ونصب تذكارية مصنوعة من الاسمنت والحديد؟

هل سيكون تاريخ الأردن فقط ما خلفه الرومان والأنباط؟ أو هل علينا أن نقلق أيضا على مصير البتراء وجرش وقلعة الربض وقلعة الكرك وغيرها؟

هل يحق لعابري الطريق أن يقلِقوا الوطن في سبيل تحقيق مصالحهم؟ أتساءل.