غالبية الناس يحبون اللعب.. بعضنا يلعب فعلا وآخرون يلعبون في صفوف الاحتياط والبقية خارج الملعب...
لا اعرف لماذا يقتصر اللعب على فئة بعينها، مع أن بعضها لا يجيد اللعب.
هل يعود هذا لضيق الملعب.. أم لمزاجية الحكام.. أم ان قواعد اللعب تمنع البعض من اللعب؟!..
في الولايات المتحدة تجد الجميع يلعبون وهناك اوائل في كل ميدان ابتدعوه.. حضرت مرارا مسابقات لفرق كان الكل فيها رابحا.. احيانا تلعب عشرة فرق.. وتوزع الجوائز على اكثر من 100 فائز.. ايمكن ان يكون ذلك سر نجاح هذه المجتمعات؟
في مجتمعاتنا يستبعد اللاعبون ويضطرون للجلوس على مقاعد الاحتياط؛ يطالعون اداء بائسا، لقاء كلمات مجاملة تشبه العزاء كالقول ابقاكم الله ذخرا وسندا.. او بدعمكم.. او بانفاسكم...
اظن ان الملاعب بحاجة الى ان تتسع لتستوعب اعدادا اكبر من اللاعبين حتى لا يزداد اعداد اللاعبين خارج الملعب.. والتغميس خارج الصحون.
الاحتياط مفهوم يستخدم للاشارة الى المخزون من الرجال والمال والعدة والموارد التي تدخل في عداد قوة الفريق او النظام او المؤسسة او الدولة.. في كثير من بلدان العالم يعتبر الاحتياط قوة محركة للاقتصاد ولحركة الدولة واستعراضها ويدخل في حساب قوتها المالية والعسكرية والسياسية ومحددا اساسيا لقوة معاملاتها المالية واتفاقياتها المستقبلية ومبررا لاعتماد التزاماتها وموثوقية عقود.
في حساب القوة يجري الحديث عن مخزون الطاقة والمياه واحتياطي المال والرجال والعدة
والعتاد مضافا لها مصداقية القيادات وحنكتها وقدرتها على الانجاز وسجل نجاحاتها او اخفاقاتها.
في كرة القدم وبقية الالعاب الجماعية يضاف الى الفرق المشاركة اعداد من اللاعبين يطلق عليهم مسمى لاعبي الاحتياط بعضهم قد يشارك والبعض يكتفي بان حمل شرف المشاركة الاسمية...
يقف الاعضاء الاحتياط في كرة القدم في منزلة بين منازل اللاعبين وقادة المشجعين فهم يعيشون اللعبة لحظة بلحظة منتظرين ان يفسح له القدر فرصة الدخول الى ميادين اللعب التي قد لا تتحقق.
كما في كرة القدم في الجندية نظام للاحتياط يضع الضباط والجنود المسرحين من الخدمة في قوائم الاحتياط ليجري استدعاؤهم للخدمة عند الحاجة ويبقون مهيأين لذلك لحين بلوغهم السن التي تسقط عنهم واجب الاستدعاء..
النظم التي تحسب مواردها جيدا لا توجد جيوش متفرغة بصورة دائمة فالكل يتلقى التدريب ويدرجوا في قوائم الاحتياط ليمارسوا ادوارا انتاجية في ميادين متخصصه على ان يجري استدعاؤهم عند الحاجة.. فلا تعطل الدولة امكاناتها البشرية ولا تحمل موازناتها مصاريف الانفاق في ابواب غير انتاجية ناهيك عن هدر الطاقة في الانتظار لسنوات دون ممارسة الادوار التي جرى اعدادهم لها..
في السياسة هناك اعضاء للاحتياط فهم يجلسون على مقاعد تتوسط مدرجات المتفرجين وخطوط تماس الملعب.. يجلسون على مقاعد الانتظار يتابعون الكرة بحماس ويقضة واهتمام لا نظير له.. فيبدون ملاحظاتهم على اللعبة وينقلونها الى المدربين وادارة الفريق.. الملاحظات التي يقدمها لاعبو الاحتياط مهمة في اعادة تشكيل الفريق خصوصا اذا كان اداء اللاعبين متواضعا.
الاصل ان يتولى التقييم مراقبون وخبراء ومحللون لكن معظمهم غابوا او انشغلوا في انشطة ابعدتهم عن الاهتمام بما يدور حولهم.. قلة من المراقبين ابقوا على حماس كاذب للعبة في كل مراحلها ... وقدموا انفسهم كلاعبين بدلاء بالرغم من شيخوختهم وتدهور لياقتهم واصاباتهم المتكررة ومخالفاتهم التي جعلت الجمهور يفقد حماسه للفريق ويعزف عن حضور مبارياته.
في امريكا اللاتينية التي برعت في كرة القدم تجري نواديها المحلية مسوحا دائمة للتعرف على الموهوبين من اليافعين في القرى والاحياء ليجري تدريبهم واعدادهم ليصبحوا لاعبين محترفين يتنافسون على شرف الالتحاق بالمنتخب الوطني ...وينجمون ليغزوا المسرح الكروي العالمي ويحققوا لبلادهم وامتهم وشعوبهم نصرا معنويا يتجاوز الاهازيج التي يعاد انتاجها للتعويض عن الاخفاق في الانجازات الكروية وغير الكروية.
التعامل مع الاحتياط يقع في باب فن ادارة الموارد.. هناك فرق كبير بين الادارة والتدوير.. في النظم الراسمالية التي تقدمت في القرنين الاخيرين ينظر للموارد البشرية بموضوعية بعيدا عن الحب والكره وفي منأى عن الولاء الشخصي او النفاق لمدير الفريق او رئيس النادي وانما لامكانات وقدرات اللاعبين واحتمالية اسهامهم في تحقيق النصر للفريق .. فالاعتماد على اللاعبين البائسين لن يجلب للفريق الا المزيد من خيبات الامل حتى وان ارتاحت ادارة النادي لوجودهم في محيطها فالنصر لا يتحقق في الغرف المظلمة..
ما يحصل لنوادينا هذه الايام سيؤثر على اداء منتخبنا ومكانتنا الكروية في الاتحادات الاقليمية والدولية وامكانية دخولنا او اقترابنا من النهائيات كما فعلنا قبل اعوام.