عندما يتحدث الفاسد عن النزاهة الوطنية!
د.عبدالله القضاة
14-05-2015 05:17 PM
لا ينكر أحد أن الأردن تمكن من بناء مؤسسات راسخة وعريقة تميزت بالكفاءة والادارة الحصيفة، وكان لها عبر العقود الماضية اسهاماتها الجليلة في رعاية مصالح المواطنين وصون حقوقهم وحمايتها، ويعترف القاصي قبل الداني؛ بإن القطاع العام الأردني يعد المدرسة الأنموذج في الوطن العربي في الإدارة العامة بإعداد وتصدير القيادات الإدارية الكفؤه.
وبالمقابل ؛ علينا الإعتراف؛ بأن هناك العديد من الhختراقات التي تعرضت لها مؤسسات الدولة في العقد الأخير ؛ ولعل أهمها ؛ تسلل بعض من "الرويبضة" لبعض المواقع القيادية المتقدمة في الدولة بحكم علاقات المصلحة والولاء المزيف مع أصحاب القرار في الحكومات المتعاقبة، وهؤلاء "الرويبضة" عاثوا في مواقعهم فسادا أصاب البلاد والعباد ؛ وبالتالي إنعكس أثره سلبا على كفاءة الأداء ومنظومة القيم المؤسسية التي ترسخت على مدار العقود السابقة!.
فعلى سبيل المثال، قد يؤتى بشخص أحيانا لتنفيعه وتعيdنه بموقع يؤهله للحصول على راتب تقاعدي يعادل تقاعد الوزير، والذي يأتي بهذا الشخص يدرك تماما أنه عاجز عن تقديم أي تطوير في أداء المؤسسة التي "يغتنمها" ، لكن الغريب في الأمر أن هذا الشخص يتمادى ؛ بمعنى أنه لايقف عند حد الإستفاده والمغادره الهادئه؛ بل يتجاوز ذلك لمحاولة إستثمار الموقع كالعمل بالخفية لدى إحدى الشركات أو الجامعات مثلا ، أو الحصول على بعض الإستشارات أوالعطاءات بالباطن ؛ لشركة شخصية ؛ قد تسجل باسم السيدة الوالدة او الشقيقة المغتربة؛ وهكذا فهو يبرع في تسخير مؤسسة الوطن لمصلحته الشخصية!!!.
يخرج هذا الشخص من المسؤولية، ربما لرحيل من أتى به؛ أو لانكشاف أمره من المسؤول الجديد ؛ فلا يكتفي بحمد الله والخلود الى الراحة او التوجه لعمل شريف يتكسب منه ، كونه لم يتعود على القناعة ؛ ربما لأن راتبه التقاعدي لا "يمري" عليه لإحتوائه على شبهة فساد ، فيبدأ بإطلاق سهامه السامة باتجاه من هم على رأس المسؤولية ؛ مستغلا بعض الأرقام المضلله أو غير المكتملة بخصوص أي مشروع وطني، ودافعه بذلك ليس النزاهة أو المصلحة الوطنية كما يحاول الترويج وإنما تحقيق مصلحة ذاتية من خلال طرح نفسه بالبديل الأنسب من هذا المسؤول او ذاك الوزير وتبجيل مسؤول سابق يتأمل عودته ليعود معه؛ إضافة الى إشباع حاجة الإنتقام لديه كونه يفترض أن الإطاحة به ربما سببها هذا اوذاك!!
قد يعتقد البعض؛ أن الدولة الأردنية بلا ذاكرة؛ صحيح أن الشعب متسامح وقد يكظم غيضه ويعفو، غير أنه لم يعد ساذجا لهذا الحد الذي يتناسى به فساد المجربين أو عدم كفاءتهم ونزاهتهم في أداء الوظيفة العامة، فلايجب السكوت مجتمعياعن تصرفات هذه الفئة، فمطلوب من الإعلام الوطني ولجنة النزاهة ومؤسسات المجتمع المدني؛ وخاصة الأحزاب السياسية أن تعري كل مسؤول فاشل أوفاسد سبق وتم تجريبه، وأن تفضح أمره للرأي العام وتكشف أوراقه لكافة مكونات الدولة ليشكل ذلك ورقة قوية لدى صاحب القرار لإستبعاده عن المواقع القيادية في الدولة أو عدم إعادته اليها؛ لإن ذلك يعزز من قيم النزاهة الوطنية ويساهم في تعزيز القيم المؤسسية والضوابط الأخلاقية في مؤسسات الدولة ويجذر المواطنة الحقيقية فيها.
a.qudah@yahoo.com