أسرار فايروس "شركات غير ربحية"
المحامي محمد الصبيحي
13-05-2015 06:21 PM
اتوقع أن يسجل لي اكتشاف فايروس جديد اسمه (شركات غير ربحية) لا تعلم عنه وزارة الصحة شيئا فهو من اختصاص وزارة الصناعة والتجارة التي أتوقع أنها أيضا لا تعرف عن اسراره شيئا.
لدينا الآن في الاردن 600 شركة غير ربحية رأسمالها المسجل مجتمعة بحدود 14 مليون دينار أما رأسمالها المدفوع فلا يتجاوز سبعة ملايين دينار.
ولمن لا يعرف ما هي الشركات غير الربحية اقول انها شركات لا تهدف الى تحقيق ارباح ولا يجوز لها توزيع أية ارباح على الشركاء، وحسب النظام فهي مختصة في القطاعات الصحية والتعليمية وتمويل المشاريع الصغيرة والتدريب الذي يهدف الى تنمية المجتمع.
بمعنى أن ما يقارب 2500 مواطن سجلوا (جزاهم الله خيرا) 600 شركة تعمل جميعا لوجه الله تعالى ولا ينتظرون منها ربحا ولا منكم جزاء ولا شكورا.
في العام 2010 انتشر فايروس تسجيل الشركات غير الربحية والسبب أن مؤسسات التمويل والدعم الاجنبية باتت تشترط تقديم الاموال الى الشركات غير الربحية، ولكن السؤال الخطير لم لا تقدم المساعدات الى الجمعيات الخيرية؟ لماذا يتهافتون على تسجيل (شركات لا تهدف الى الربح) ولا يسجلون أو ينتسبون الى جمعيات خيرية تستطيع تنفيذ مشاريع خيرية تنموية في المحافظات؟!
الجواب يكمن في سر كبير وافقت عليه الحكومة التي أقرت وأصدرت (نظام الشركات التي لا تهدف الى تحقيق الربح رقم 73 لسنة 2010) الذي سمح لتلك الشركات في المادة 8 من النظام (للشركة تنظيم ندوات أو مؤتمرات داخل المملكة أو خارجها أو الدعوة اليها أو المشاركة في اعدادها أو نشر أو ارسال أي تقارير أو بحوث أو معلومات تتصل بغاياتها) أي أن الجهات الاجنبية الممولة للشركات تريد تقارير ميدانية عن القطاعات الصحية والتعليمية وتمويل المشاريع الصغيرة وكل ما يتعلق بتنمية المجتمع المحلي، وبالنتيجة تقارير تجمع معلومات عن حالة المجتمع أكثر مما تعرفه حكوماتنا لأن المعلومات والتقارير الميدانية عندهم تتحول بعد الدراسة الى رؤية ومعرفة أما عندنا فتظل في ادراج موظف عتيق الى أن يتقاعد .
اذن حكومتنا تحض مواطنيها (تشريعيا) على تزويد الاجانب بالتقارير والدراسات وتشجعهم على تلقي التمويل الاجنبي مباشرة .. ما في مشكلة لدينا أمن وأمان!
الجمعيات الخيرية الاردنية وعددها تقريبا 400 جمعية لا تصدر تقارير وتتلقى مساعدات محلية غير مشروطة أما المساعدات الخارجية ان وجدت فتستلزم موافقة الحكومة من خلال الوزارة المختصة , فما حاجة الاجانب الى جمعيات الخير الوطنية؟
والجانب الاخر من السر الكبير أن الجهات الممولة تريد ايجاد جيل من الناشطين مرتبط بالجهات الخارجية ويدمن ويتقن التعامل معها ويحصل على مزايا (تعوض عن الارباح) مثل رواتب وسيارات وسكرتيرات وموظفين ومكاتب تستخدم لأكثر من مهنة ونفقات لا رقابة حقيقية عليها.
600 شركة تعمل لوجه الله تعالى (تعالى الله عما يصفون) والرقابة عليها تحتاج الى جيش من موظفي مراقبة الشركات المفترض بهم تلقى الميزانيات السنوية لتلك الشركات والتأكد من وجود عناوين ومكاتب والسيطرة على السوق السوداء لبيع وشراء الشركات غير الربحية.
أكيد سيستغرب كثيرون منكم وجود سوق سوداء لبيع وشراء شركات ولكنها الحقيقة فهناك عشرات الشركات (غير الربحية) سجلت وليس لدى اصحابها (الشطارة) في االاتصال والتعامل مع جهات التمويل الاجنبية وبالتالي فهي شركات مجمدة، ولأن جهات التمويل الاجنبية تشترط للتمويل أن يكون عمر الشركة عامين أو أكثر فهناك عشرات الشركات المجمدة المسجلة منذ العام 2010 معروضة للبيع لأي ( شاطر ) قادر على أستجلاب التمويل الاجنبي .
الحديث يطول فالملف مثخن بالاسرار ونشاط تلك الشركات خرج عن حدود الاختصاص حسب النظام وأمتد الى مفاصل حساسة واستراتيجية في الدولة الاردنية وان تحدثت أكثر ستصيبكم صدمة عصبية.