مصطفى البرغوثي يؤكد استحالة ضياع القضية الفلسطينية
13-05-2015 05:41 PM
عمون- في جلسة رئيسة ضمن فعاليات اليوم الثاني لمنتدى الأعلام العربي المنعقد في دبي، أكد الدكتور مصطفي البرغوثي، رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية أن القضية الفلسطينية لن تضيع رغماً عن الانشغال الشديد بالأحداث السياسية التي يشهدها العالم العربي منذ اندلاع أحداث ما عُرف باسم "الربيع العربي" وحتى الآن لأن القضية تعيد فرض نفسها على المشهد السياسي والإعلامي بشكل دوري سواء عربياً أو دولياً.
وأكد البرغوثي أن الأعمال التي تقوم بها قوات الاحتلال كما حدث خلال عدوانيها الغاشمين في 2012، و2014، تعيد فرض القضية على المشهد العام، كما أن هناك جملة تطورات على أرض الواقع تسهم في تعزيز الحق الفلسطيني حيث تتصاعد حركة المقاطعة وفرض العقوبات ضد إسرائيل، ويتمثل التطور الثاني في المعركة الدبلوماسية التي تجرى حالياً بين فلسطين وإسرائيل في أروقة المحكمة الجنائية الدولية، إذ لم تعد إسرائيل تحظى بالحصانة بالدبلوماسية والقانونية التي تمتعت بها منذ إنشائها وبات الجميع يدرك أنها لم تعد فوق القانون.
ونوّه البرغوثي بأن هناك العديد من العوامل التي تمنع ضياع القضية الفلسطينية ويأتي في مقدمتها المكانة العاطفية والنفسية لطبيعتها وتأصّلها في نفس الشعب العربي وضميره، كما أن القضية تحظي بعمق عالمي قوي وهو ما انعكس بجلاء في مقولة الرئيس الراحل لدولة جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا أن القضية الفلسطينية هي القضية الإنسانية الأولى في العصر الحديث.
وعن ارتدادات ما يحدث في العديد من البلدان العربية وتأثيره على القضية، أقر البرغوثي بأن هذا الوضع الحالي يشتت الانتباه عما يجري في فلسطين، ولكن يبقي المسجد الأقصى حد فاصل يفزع من أجله كل عربي، وتبقى فلسطين الفكرة الوحيدة القادرة على أن تجمع شتى البلدان العربية رغماً عما يجرى على الساحة السياسية.
ولفت الدكتور البرغوثي إلى أن بعض التطورات التي تشهدها المنطقة تؤثر بالإيجاب على القضية الفلسطينية وهو ما يتضح في تشكيل قوة عربية مشتركة فاعلة، وهو ما يحمل رسالة صريحة وواضحة لإسرائيل بأنها لن تبقى في منأى عما يحدث، وبأن الإرادة العربية باتت قادرة على حسم قرارها وتحديد مصيرها ولن تقبل بهيمنة إسرائيلية لاسيما وأن هناك مؤشرات عديدة تشير إلى دور إسرائيل في كافة المشاكل التي شهدها العالم العربي خلال الآونة الماضية.
وعن قدرة الفلسطينيين على ابقاء القضية في صدارة المشهد السياسي والإعلامي، أشار البرغوثي إلى أنه يتوجب على الفلسطينيين منع تصفية القضية من خلال القبول بحلول زائفة أو بتفكيك الكيان الوطني الفلسطيني لاسيما بعد ظهور ثغرات متعددة في اتفاق "أوسلو" الذي تم توقيعه دون الإشارة إلى منع الاستيطان ما أدى إلى ارتفاع أعداد المستوطنين بشكل كبير، كما ينبغي أن ندرك أن إسرائيل منذ عام 1967 لم تشر مرة واحدة صراحة إلى إمكانية قبولها لحل الدولتين.
وأكد البرغوثي أن الوسائل الإعلامية ينبغي أن تلقي الضوء بشكل مركز على النتائج التي حققتها عملية المقاومة الوطنية، وفرض العقوبات، والمقاطعة، وسحب الاستثمارات حيث يجب أن يعلم الجميع أن هولندا على سبيل المثال قررت منع المساعدات عن أي مواطن مزدوج الجنسية يقطن في المستوطنات، كما أن هناك 22 شركة في جنوب افريقيا قررت ألا تتعامل مع شركة الأمن البريطانية التي تقوم بحراسة السجون الإسرائيلية ما يمثل عنصر ضغط كبير على الحكومة والشركات الإسرائيلية.
وأشار البرغوثي إلى أن الانقسام الداخلي الفلسطيني يمثل عائقاً أمام تحقيق تطورات ملموسة في القضية إذ يتسبب في إحباط كبير داخلي وخارجي ويجب على الشركاء في الداخل الفلسطيني العمل بجهد على تسوية الوضع الداخلي حتى تبقى القضية رمزاً للنضال والحرية، وحتى لا تتشتت الجهود المبذولة في سبيل الوصول إلى حلٍ مُرضٍ يقبل به الشعب الفلسطيني.
وقبيل نهاية الجلسة، تلقي الدكتور مصطفي البرغوثي عدة أسئلة، تناول أولها الاحتمالات السياسية والخيارات المطروحة امام الشعب الفلسطيني حيث أجاب بأن هناك ثلاثة احتمالات يتمثل أولها في انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة وقبولها بقيام دولة فلسطينية إلا أن الحكومة الإسرائيلية وأغلبية الناخبين هناك عبروا عن رفضهم الصريح لهذه الفكرة خلال الانتخابات الأخيرة.
أما الخيار الثاني، فهو بقاء الوضع الحالي، وهو ما يعني بقاء أطول احتلال في العصر الحديث، وأطول نظام فصل وقهر عنصري تشهده البشرية وهو ما لن يقبل به الفلسطينيون مهما كلّف الأمر. ويبقى الخيار الثالث في قيام دولة ديمقراطية واحدة يتمتع فيها الجميع بحقوق واحدة وواجبات متساوية وهو الخيار الذي تخشاه إسرائيل لعدة أسباب أهمها أن عدد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة يتساوى مع الإسرائيليين علماً بأن نسبة النمو في معدلات المواليد تزيد عند الفلسطينيين بنحو الضعف وهو ما يمثل هاجس يضج مضاجع القادة في إسرائيل.
وقال البرغوثي: "يجب أن ندرك جميعاً أن عملية السلام المزعومة ما هي إلا وسيلة يستخدمها البعض للتهرب من المسئوليات لأن الاعتراف بالفشل المتتابع للمفاوضات يعني أن دول العالم ينبغي عليها أن تتبنى سياسة أخري بديلة وهي نقطة لا يريد البعض الوصول إليها، وعوضاً عن ذلك يجب أن تعمل المنظومة العربية على تغيير ميزان القوى مع إسرائيل من خلال المقاومة الوطنية والمقاطعة ودعم التواجد الفلسطيني على الأرض.
وعن إمكانية تحقيق توازن في القوى ضد إسرائيل على الرغم من الدعم الأمريكي المعلن للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، أجاب البرغوثي بأن العالم يشهد متغيرات سياسية تشمل ظهور قوى جديدة مثل الصين والهند والبرازيل إضافة إلى روسيا ما يعد مؤشر قوي على نهاية فترة القطب الواحد، وعدم تواجد الولايات المتحدة كلاعب فاعل وحيد، ومن هنا يجب علينا التواصل مع القوى الجديدة بغرض مواجهة السياسات الإسرائيلية الغاشمة.
وفي نهاية الجلسة أكد البرغوثي دور الاعلام الداخلي في فلسطين في نشر ما يحدث من انتهاكات من الجانب الإسرائيلي، ونوه إلى أن الإعلاميين الفلسطينيين مطالبين بتبني طرق ووسائل غير نمطية عند تناول القضية الفلسطينية وأشار إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تقوم أحيانا بدور مميز يتفوق على نظيره في وسائل الاعلام التقليدي.
وأكد الدكتور مصطفي البرغوثي ثقته أن القضية الفلسطينية لن تضيع حتى وأن خفتت لبعض الوقت لأي سبب، ولكنها ستعود دوماً وسوف تبقى في قلب ووجدان كل عربي ولن نقبل جميعاً إلا بحل عادل وشامل يرضي به الشعب الفلسطيني ويضمن لمجموع أفراده العيش بكرامة وحرية على أرضهم المغتصبة.
يذكر أن الدورة الرابعة عشرة لمنتدى الإعلام العربي تختتم أعمالها اليوم في دبي بمشاركة نحو 2000 من الإعلاميين والمفكرين والمثقفين والساسة والأكاديميين المتخصصين.