ابن الزبال!حلمي الأسمر
13-05-2015 03:42 AM
لم أزل كالآلاف غيري، نحفر في ظاهرة الربيع العربي، وما حدث لها، ومآلاتها، بعيدا عن نظرية المؤامرة، وصناعة السيناريوهات الجاهزة، ليس حبا في الحفر بل استبطانا للمستقبل، وما يمكن أن يكون موجة ثانية من موجات هذا الربيع، وهذا ليس حلم لية صيف، أو أضغاث أحلام، بل هو استشراف مبني على قراءة دقيقة للحاضر، ذلك أن أعداء الربيع العربي تحديدا، بدأوا حملة مقاومة شرسة له بالأساليب نفسها التي كانت سبباً لاندلاعه، من حيث مصادرة الحريات، والتضييق على الخلق في أرزاقهم، وعودة القبضة الأمنية، والمنع من السفر، والتهديد بسحب الجنسيات، وما إلى ذلك من أساليب غذت الثورة في نفوس شباب الربيع العربي، وحثتهم على الخروج إلى الشوارع. إضافة إلى هذا، تلمح نَفَساً ثأرياً في التعامل مع كل من شارك في الربيع، وتنكيلاً في غير ساحة عربية بالشباب، من مشعلي الثورة ووقودها. وتربي هذه الممارسات الثأرية في النفوس مزيداً من الغضب والحقد الأسود على الأنظمة القمعية، وتراكم رغبات دفينة متطلعة إلى تغيير حقيقي، يتجاوز أخطاء الموجة الأولى من ثورات الربيع العربي. وإلى هذا وذاك، لم يشهد أي بلد عربي، تقريباً، أي تغيير حقيقي، يلبي طموح من ثاروا، ما يعني بالضرورة أن الأسباب التي أدت إلى اندلاع الثورات لم تزل موجودة، وهي الوقود الأساس لها، إذ لم يلتقط سدنة النظام العربي الرسمي الرسالة التي حملها الربيع، ولم يكد يستفيد أحد من عبره الكبرى، وبدا أن هناك نوعاً من التحايل في كيفية إبداء التفاعل مع تطلعات الثوار، عبر إجراء إصلاحات تجميلية لا تصل ولو إلى الحد الأدنى من طموح الثوار. وبالطبع، لا ننسى، هنا، ما قامت به قوى الثورة المضادة من جهد جبار لإفراغ الربيع من أي محتوى، بل إن هذه القوى لم تُبق أياً من الأساليب الذكية لشيطنة الربيع إلا واستخدمته، ووضعه في صورة الشر المستطير الذي خلف قتلى ودماراً وخراباً في البلاد التي شهدت ثورات الربيع. وهذه حيلة باتت مستهلكة، واستهدفت بعض ضعاف النفوس من السطحيين، حين قالت لهم: انظروا ماذا فعل الربيع في بلد كذا وكذا. والحقيقة أن ما فعل الأفاعيل في بلاد الثورات ليس الربيع، بل من قاوم الربيع، وقصف عمر تطلعات ثواره، فأجهز على النبتة الغضة، قبل أن تستوي على سوقها!
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة