خلال أقل من أسبوعين غطت لقاءات الملك قطاعات قيادية من القطاع الخاص وذات أثر في الاقتصاد الوطني أخرها لقائه بممثلي شركات أجنبية عالمية وأردنية لها إمتداد دولي.
إلتقت النقاشات التي دارت في كل هذه اللقاءات حول عناوين محددة وهي البيروقراطية في اتخاذ القرارات، وبطء الإجراءات، والضرائب، وتعدد الاجتهادات في تفسير القوانين.
ربما كانت مصادفة أن تتزامن هذه اللقاءات مع تصاعد شكوى هذه القطاعات الإقتصادية من سياسات الحكومة وإجراءاتها، لكن ظروف ترتيب اللقاءات بعضها وقد تم بطلب من القطاعات ذاتها وأخرى جاءت بمبادرة من الديوان الملكي لا يضعها في خانة الصدفة خصوصا وأن معظمها جرت في غياب الحكومة ما ساهم برفع وتيرة النقد والمصارحة في طرح الملاحظات من جانب المتحدثين.
سواء لبت هذه اللقاءات طلبات لأصحابها أو تمت بمبادره من الديوان، فإنها تعكس قناعة بأن الحلول لبعض المشاكل لا تأتي الا بعد تدخل الملك الذي يطمئن الناس الى تدخله في كل كبيرة وصغيرة لا بل يطلبون هذا التدخل ويسعون ورائه ويبتهجون كلما صوب خطا هنا وفك عسرة هناك سواء كان ذلك بشخصه أو عبر مؤسسة الديوان خصوصا في قضايا إستعصت على المسؤولين أو أخرى لم تجد تفهما أو إهتماما.
بل إن طبيعة النظام الملكي في الأردن مميزة عن سواها من الأنظمة في إندماجه مع الناس وقضاياهم دون حواجز ما يدفع الرأي العام دائما اليه كملاذ فهو أهل الحل والعقد في الشؤون العامة والسياسية، والإدارية، والتشريعية، والقضائية والاقتصادية وهو الحل لترتيب البيت وعقده من جديد.
على مدى سنوات سابقة أثار خوض الديوان الملكي ومتابعته لقضايا ذات طابع إقتصادي خصوصا قلق رؤساء الحكومات وشكا بعضهم الى الملك من هذا التدخل الذي كان يكشف قصورا في الحلول وكانت سرعة الإنجاز في مشاريع وقضايا تدخل فيها الديوان كفيلة بتكرار لجوء الشاكون اليه كملاذ يجدون فيه ضالتهم.
لم تبتعد مؤسسة الديوان عن المشهد، وإن كانت لم تشتبك معه علانية تحت عنوان « الولاية العامة للحكومة «فقد ظلت تتابع وتسجل وتتدخل كلما أسندت لها مهمة، بل على العكس يصبح إشتباكها مطلبا عندما تترنح الحكومات ويظهر عجزها وترددها.
لعجزها كالعادة, تتذرع حكومات بوجود قوى رسمية وغير رسمية تعمل على إفشالها لكن باليد الأخرى فإن التدخل يصبح ضرورة ومطلبا شعبيا وضرورة وطنية عندما تتخلى الحكومة عن مسؤولياتها لتجسير فجوة أو تغطية لعجز الحكومة وضعف برامجها وقدرتها في اطفاء المشاكل وتقديم المبادرات السياسية والاقتصادية والأمنية.
على مدى عامين وسبعة أشهر عملت حكومة الدكتور عبدالله النسور الأولى والثانية والمعدلة من دون إزعاج، فلا تدخلات ولا حكومة ظل قبل أن تخرج الشكوى الى العلن على شكل موجات غضب ومقاطعة ونقد لم يقتصر على المعارضة التقليدية فحسب.
تدخل مؤسسات الدولة في عمل الحكومات يصب في بعض الأحيان في مصلحتها فهو مثل قوات إسناد لدعمها لكنه في أحيان كثيرة هو مثل إنذار مبكر يقصد منحها مهلة لتصويب مسيرتها. الرأي