كعادتنا دوما، كوننا متلقين، وننفعل بسرعة، فقد أشغلنا الأعداء حتى "الفرح"، بتصريحات من قبل مجموعة من جنود "مستعمرة" إسرائيل الإسبرطية، الذين شنوا هجوما مطولا على أهالي قطاع غزة الأبرياء الذين يعانون من حصار خانق يسهم فيه الإقليم، الذي كشر عن أنياب سامة لم نشهدها حتى إبان الرئيس المخلوع مبارك، الذي صدر قرار مؤخرا، بتمتعه بمزايا الرؤساء السابقين.
تقول التصريحات التي أدلى بها جنود الإحتلال، وأيقظت فينا الفرح الأهبل، أن القيادات العليا للجيش الإسرائيلي، أمرتهم بإطلاق النيران عشوائيا وعلى كل ما هو متحرك، وأن يعدموا الشجر والحجر قبل البشر في غزة، ولا أدري ما هو مسوغ الفرح العربي، وقيام إعلامنا المسموع والمقروء والمكتوب، بتسليط الأضواء على تلك التصريحات، وإبرازها، وكأن "مستعمرة " إسرائيل الإسبرطية، قامت على توزيع الشيكولا أو الورود لنا في هذا الإقليم المبتلى بأهله.
لقد تجاوز مؤسسو "مستعمرة " إسرائيل الإسبرطية توراتهم المحرفة، وعبثوا حتى في الدم اليهودي على صورتين، الأولى قيامهم بتفجير بواخر كانت محملة بمهجرين يهود من أوروبا في ميناء حيفا، والقيام بقتل يهود وتفجير وإحراق مؤسسات يهودية في الوطن العربي وحتى في أمريكا وتركيا، لإجبار يهود على الهجرة، وتضليل الرأي العام اليهودي ومعه العالمي، بأن العرب والمسلمين متوحشون يكرهون اليهود، ناسين أو متناسين أن اليهود لم يعيشوا بكرامة إلا في العهد الإسلامي وفي الدول العربية، خاصة بعد محاكم التفتيش في أسبانيا.
أما الصورة الثانية فكانت بتحالف قادة الصهيونية الأوائل مع النازي هتلر الذي كان من الزعماء الغربيين الذين منحوا فلسطين وطنا قوميا لليهود، ليس حبا فيهم بطبيعة الحال، بل رغبة في التخلص من شرورهم ومؤامراتهم، وإقامة دول مسيحية خالصة خالية من اليهود، وكان الإتفاق أن يسمح هتلر للحركة الصهيوينة بالتصرف في الشباب اليهودي الألماني ونقلهم إلى فلسطين لبناء الدولة اليهودية، ومنح هتلر حق التصرف بالعجزة والمرضى وكبار السن حتى لا يكونوا عبئا على المستعمرة الوليدة، وكان أن إستغل العقل اليهودي هذا الإتفاق غير المعلن بحلب ألمانيا حتى يومنا هذا، ولهذا قصة طويلة سيتم التطرق إليها في مساحة منفصلة.
وهذا يعني أن التوحش والوحشية والقتل ليست ظواهر جديدة على قادة "مستعمرة" إسرائيل الإسبرطية، بل هو شر متأصل فيهم، وها هم لا يرحمون حتى من وقع معهم مواثيق الصلح وفي المقدمة مصر والسلطة الفلسطينية والأردن، وهؤلاء يتعرضون للعدوانات الإسرائيلية المتكررة وخاصة السلطة والأردن، حيث الخنازير البرية والأفاعي لتخريب المرزوعات في الضفة الفلسطينية، ناهيك ع قطع وحرق أشجار الزيتون، وسرقة أشجار الزيتون المعمرة "الرومي " وزراعتها في الساحل الفلسطيني المحتل عام 1948 ليقولوا للرأي العام العالمي أنهم متجذرين في هذه الأرض مثل هذه الأشجار المعمرة، كما أنهم يسرقون حجارة البناء القديمة لذات التضليل.
أما الأردن فهو يتعرض على الدوام للحرائق الحدودية التي تلتهم مئات الدونمات المزروعة، والهدف من ذلك خلق مساحة نظيفة على الحدود لمنع أي تسلل معاد، كما أن الخنازير تجتاز الحدود وتعيث في مزارع الأردنيين تخريبا، ولعمري أن إبليس لم يصل إلى هذه الحالة من نكران الجميل مع الأردن.
العقيدة اليهودية التلمودية قائمة على القتل، وهم يتسلحون بكل ما أؤتي لهم من قوة، فنرى طائراتهم ودباباتهم عبارة عن قلاع طائرة او متحركة، كما ان جنودهم مدججون بكل أشكال الحقد والكراهية وما يستطيعون حمله من الأسلحة، لذلك نراهم ينتصرون على الجيوش العربية في المواجهات الممسرحة، في سويعات، ويقلبون النصر العربي إلى هزيمة كما فعلوا إبان عهد السادات الذي قال لقائد الجيش المصري الثالث عبد الغني الجمسي عام 1973 عندما أخبره أن الدبابات الإسرائيلية أكملت حصار الجيش الثالث "دي الوقت سيبني أتصرف " بعد أن كان يقول له عندما يخبره أن الدبابات الإسرائيلية في إزدياد، دعها وشأنها.
لكنهم وعندما كانت المواجهات مع قوى مقاومة، كانوا ينهارون منذ أول لحظة، فتسمعهم " يجعرون" كما قطيع البقر الهارب المرعوب، ولذلك فإن المطلوب أن تحدث حالة كسر صمت عربي، ويفتح ملف الهزائم العربية، لمعرفة الحقائق وكتابة التاريخ من جديد.
وبالمناسبة فإنني لا ادعو إلى كسر الصمت العربي الرسمي فقط بل الفلسطيني ولماذا وصلت الحالة الفلسطينية إلى ما هي عليه اليوم، وكيف أن المقاومة العربية المتمثلة بحزب الله وصلت هي الأخرى إلى ما نراها عليه.
المقبل من الأيام أسوأ، ومصير حزب الله بات محسوما لأن الجميع يتحدثون عن نظام الأسد وكأنه حسم الأمر، كما أن حماس هي الأخرى أصبحت في مرمى المؤامرة لسوء التصرف والقبول بدور التصدي للعدوان بدلا من شن الهجمات، فدحلان وداعش ومن وراءهما يضعون هذه الأيام اللمسات الأخيرة على مشروع إنهاء حماس من غزة.