facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عصام أبو زيد يصنع من الحُطام شعراً


10-05-2015 01:43 AM

عمون - يحفر الشاعر المصري عصام أبوزيد، طريقاً جديداً ومدهشاً في قصيدة النثر المصرية.

يكتب قصائده كمن يريد أن يعيد ترتيب العالم من جديد، ليس بهدف تغييره كشأن الشاعر القديم، بل ليستبدله بالخيال الجامح. خيالٌ يرسم به -على سبيل التعويض- عالماً بديلاً، وهي المهمة التي اعتُبر الشعر، على مدار التاريخ، مسؤولاً عن تنفيذها من أجل مواجهة عالمنا، شديد الاعتيادية ذاك.

في ديوانه الجديد، «الحياة السرية للمجنونِ الأخضر» (روافد، القاهرة)، يواصل الشاعر التعاطي مع القصيدة كساحر، يمارس لعبة عجيبة يحبها هو أولاً، قبل أن يعشق الناس رؤيته وهو يلعبها، واضعاً القصيدة أمام اختبارات واحتمالات شعرية، لا نهاية لها.

منذ «الصفعة» الأولى، يبدأ الساحر لعبته بغلافٍ يحمل وجهاً مذهولاً، من تصميم التشكيلية والشاعرة غادة خليفة، وبعنوان يروي افتراضاً الحياة السرية، لكائن غير موجود «المجنون الأخضر»، مُفتتحاً نصوصه الشعرية بعبارة لـ «مجهولة» تقول فيها: «كلما رأيتُ امرأةً قادمةً من بعيد، قلت إنها أنتِ، الملامح العذبة نفسها والخطوة التي أثقلها الحنان نفسها أيضاً».

يحضِّر الشاعر قارئه -إذنْ- لرحلة سوريالية بطلها المجهول، محفوفة بالضلوع المكسورة والشظايا والحُطام.

رحلة انهيار لانهائي لعدد من قصص الحب «المظلوم»، بصحبة شخص «توجعه ذكرياته كلما شاهد يديها»، وامرأة غيور تقول رسالتها «إنها غرقت في بقعة صفراء ظهرت في أحلامها»، ومجموعة من الشياطين التائهين.

خمسون نصاً قصيراً، تأخذنا عناوينها إلى عتبات السحر وتناقضاته المدهشة. قصائد تحتفي بالغرائب. يبدأ الشعر طقسَه السوريالي غير المألوف من هناك، من آخر نقطة في الصحراء، يمكن أن يظهر فيها ماء الشعر.

الشاعر هنا محض خيال، يعيش بمفرده في عالم سحري من حطام وأشواك، ووفقاً للشاعر الأميركي، راسل إدسن، في الطبعة العربية لكتابه «كلنا نولد مصابين بالغثيان» (ترجمة المصري أحمد شافعي) فإنّ «قصيدة النثر تكمن في الكتابة من دون نوع، في ذهاب المرء عارياً إلا من خياله».

يقترف الشاعرُ قصيدةَ الحُب بصراحة، ومن مداخلها الجديدة، المليئة بالأسى والتناقض. الحب عنده جزء من عالم الهدم والبناء، وقوع محموم بين عالمين، تجسَّد في كثير من عناوين قصائد الديوان: «لم يكن في غرامنا»، «لندن أفضل من باريس»، «على قدمين»، «بين جزيرتين»، يقول عصام، في أولى قصائد الديوان: «متى تفهمين أن لحظة الاعتراف بالحب، هي نفسها لحظة الوداع، الحب العظيم يا عزيزي لا يعيش بالتحقّق، أجمل القصص لم تكن يوماً جميلة، ضلوعنا التي تحطمت إلى أقواس نصر، عند مداخل المدينة هي التي تصنعُ الجمال».

بداية، يبني الشاعر قصيدته بناء متيناً قبل أن يهدها على الرؤوس، فبعد كل هذه المقدمات الطويلة يشعر فجأة بالملل ويقول: «صدقيني، لا تعجبني هذه الحكمة المفاجئة/ وكل هذا التأمل يصيبني بالضجر، الأجواء صحراوية لكنها بغزارة أمطرت، والجليد كأنه هبطَ من السماء ليستقرّ في قلوبنا».

يهدم الشاعر نصَّه -ربما- لكي يؤسّس على أنقاضه هذا العالم البديل. الشاعر هنا ضَجِرٌ ومَلُولٌ ولامُنتمٍ بامتياز، لا يعتبر شعره امتداداً لقصيدة الشعر العربي القديمة، ولا الحديثة. لا ظلّ لأدونيس أو أنسي الحاج هنا، وهو لا يبدو وفياً حتى لتراث السوريالية في القصيدة العربية، منذ كتب بعض من جماعة «الفن والحرية» في مصر، نهاية الثلاثينات وبداية الأربعينات من القرن العشرين، بعض التجارب والمفاهيم الأوليَّة لقصيدة النثر، متأثرين إلى حد كبير بالشِّعر الغربي الحديث.

عصام أبو زيد، هو واحد من أبرز الأصوات التي كتبت الشعر المصري في التسعينات من القرن العشرين، سبق أن صدرت له أربع مجموعات شعرية: «النبوءة»، «ضلوع ناقصة»، «كيفَ تصنعُ كتاباً يحقق أعلى مبيعات»، و «أكلتُ ثلاثَ سمكاتٍ وغلبني النوم». إضافة إلى رواية واحدة هي: «يوميات ناقل أسرار»، وهو كان من بين أبناء الجيل الذي كتب قصيدة النثر المصرية، قبل عشرين عاماً، كوثبةٍ إلى المجهول، على حد تعبير الشاعر اللبناني الراحل أنسي الحاج، وسط أجواء نقديَّة وأكاديميَّة، لا تزال قادرةً على ممارسة العداء مع القصيدة الجديدة، على رغم أنه الجيل الذي بدا في تجاربه الأولى، قريباً من منابع الشعر العربي التقليدي.

من اللغة الشعرية السهلة، إلى العالم الذي لا يتكرر أبداً، يحطم الشاعر الأنماط كافة، كأنه يكتب بالمخالفة لأي «قالب» شعري جاهز، رافضاً الصيغ الثابتة، بما فيها صيغة «المجانية/ الإيجاز/ التوهج»، التي عرفتها الأدبيات الخاصة بقصيدة النثر العربية مبكراً، نقلاً عن سوزان برنار. لقد بدا كأنه يحطم كل شيء ليتمكن -جيداً- من البناء.

الحياة





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :