في أبجديات ثقافتنا النمطية والعملية يقع الوقت في آخر حساباتنا، ومع ذلك فان ثواني معدودة كفيلة بان تقلب أمورنا رأسا على عقب.
في الأسبوع الماضي مرت البلاد ونحن على الصعيد الشخصي بأحداث، أثبتت بان الوقت كان السباق في تركيب وتفنيط قراراتنا وحتى تعاملاتنا الثنائية والجماعية.
فرغم الساعات التي احتاجتها انتخابات نقابة الصحفيين حتى تختار الهيئة العامة نقيبها المقبل ومجلسها الممثل لها، فان ثواني معدودة كانت كفيلة بتحويل الإعلاميين الأردنيين من قادة رأي الى "همجيين" بسبب شخص اختار لحظة للانتقام من زملائه الذين لم يكن خيارهم في انتخابات سابقة.
وبعد أيام من إطفاء وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال ناصر جودة لشائعة بيع أراضي المدينة الطبية وممتلكات للقيادة العامة للقوات المسلحة الى مستثمر عربي على أثير الإذاعة الأردنية خرج وزير العمل الدكتور باسم السالم ليفجر القلق مجددا في الأوساط السياسية والشعبية بنسفه ما صرح به جودة في ثوان، ليس سرا إذا قلنا انه مؤشر على أن تخبطا ما يجري داخل الحكومة.
وفي ثوان أيضا، اكتشفنا أن تلويح جهات غربية بقطع تمويلها عن منظمات حقوقية عاملة في الأردن سبب في هجوم مباشر شن على حملة "رسول الله يوحدنا" لأنها تصدت للصحف الدنماركية التي اختطفت حرية التعبير بقصد الإساءة الى الرسول صلى الله عليه وسلم والإسلام والمسلمين.
فهذه الثواني أزاحت النقاب عن أن الحملة دفعت صانع القرار العالمي في الغرب الى الإقرار بفشل مخططه في السيطرة على الطبقة السياسية والمثقفة وقادة الرأي العام في الأردن لتوجيهها وفق أجنداته التي تلبي مصالحه والدليل صاحبنا الذي دافع عن الصحف الدنماركية واعتبر إساءتها ضربا من ضروب حرية التعبير التي يريد الغرب تسويقها في حاراتنا.
الغريب أننا نتحدث عن الثواني وقدراتها الخارقة على قلب كياناتنا ولكننا نترك لملايين الثواني حرية التدبير من اجل تحديد مصائرنا... فهل نسبق الوقت قبل أن يقطعنا بسيفه؟