وان تعبت الرجلين .. نمشي ع ادينا
07-05-2015 03:03 PM
على الطريق الواصل بين عمان والسلط عشرات المؤسسات والمعالم التي يصعب ان تتخيل الاردن بدونها... بعضها في قلب شارع السلط الذي كان شريان المدينة الاول والمتجه من قلبها الى شمالها الغربي ومشكلا مع الشريان المنطلق من وسطها غربا باتجاه وادي السير، رسما لا يختلف كثيرا عن الشكل الذي يتخذه نهرا دجلة والفرات المنحدران من الشمال باتجاه بغداد وشط العرب.
في شارع السلط كان اول قصر للعدل ومستودعات المال والدم "بنك الدم.. البنك المركزي" اضافة الى اولى اللجان الطبية والجمارك والمالية والشرطة وقيادة الجيش والداخلية والاقراض الزراعي والتربية والتعليم والامة بمجالسها الاعيان والنواب ومدينتنا الرياضية وقصر الثقافة، ودور صحفنا العاملة والبائدة من رأي وشعب واخبار وعرب اليوم ودستور الى جانب وزارة الاشغال والزراعة..
على طريق السلط وجدت الجامعة التي زفت ما يقارب الخمسين فوجا من البناة في حقول الاداب والعلوم والطب والصناعة والادارة والقضاء والبناء.
وعلى طريقها اقيمت الضواحي لكل فئات الخارجين من الاحياء القديمة للمدينة التي احتضنت من استجاروا بها ولاذوا اليها من الخوف والجوع والظلم.. ما ان يستدير الشريان الواصل بين عمان والسلط غربا حتى يخترق صويلح البلدة التي احتضنت اهلها ولم تفرق بين ساكنيها اكانوا شيشاناً ام اكراداً؛ سلطيين او عبابيد.
الطريق الى السلط طقس جميل عبر عنه عمر العبداللات بـ"على طريق السلط يا ما مشينا...."
بالامس كنت على طريق السلط، لكن في أحد معالم الطريق الذي أصبح علامة على جغرافيا المكان.. واثرا مهما في حياة المدينة والفضاء التعليمي الاردني...
جامعة عمان الاهلية وشباب بوابة الحرية نظما معا فعالية توعوية حول التطرف والارهاب والعنف والشباب... على مدرج شؤون الطلبة.. ليتحدث فيها رئيس مجلس الشباب الدكتور سامي المجالي وانا...
الحضور نوعي ومتنوع.. والحديث عام وفاتر لسعة الموضوع وتشابك المفردات وحساسية القضية والرغبة في احترام عقول الحاضرين الذين طرحوا اسئلة تجاوزت سقوف واطار الموضوع بكثير.. امضينا ساعة ونصف الساعة وتحدثنا على هامش اللقاء حديثا اغنى وامتع واعمق من حديث المدرج..
هكذا يحصل دائما وفي كل المناسبات التي احضرها يكون خطابان احدهما للسرايا والاخر للقرايا.. خطاب السرايا شكلي ومصطنع وخطال القرايا عفوي واكثر صدقا...
تحدثنا عن التطرف بصفته ابتعاد الفكر والاتجاه والموقف عن الفطرة والخير المتأصل.. وارتباط حدوثه بالظلم او الاحساس به والجهل وتوفر الحرية والسلاح.. وعرجنا على الفساد والمحاباة والحرمان والاقصاء...
الناس يسرفون في ادانة واستهجان الافعال المتطرفة دون الالتفات الى الاجواء التي يظهر فيها التطرف واخيرا هناك تطرف مستحب اذا كان باتجاه تحقيف العدل وتطبيق القانون وحماية حقوق الانسان...
في لقاء الامس الذي حضره نائب رئيس الجامعة الدكتور مامون الدبعي وعميد شؤون الطلبة الدكتور مفيد الحواشين والدكتور مروان الفاعوري امين عام منتدى الوسطية والاستاذ المنظم للفعالية ماجد ابو رمان والشاب عبد ابو رمان وميسر اللقاء احياء عربيات.. لمعات مهمة اظن ان ابرزها استخدام المهندس الفاعوري لابيات شعرية لنزار قباني في استشهاده على الطبيعة الانسانية.. وحديث طويل حول نوعية مبادرات الجامعة مع المنسقة السيدة ابو السمن.. وحديث مفعم عن السلط ورجالاتها وتاريخها وموقعها في الكيان الاردني.. والمعنى الذي يحمله الوصف العربي للتباين بين المظهر والمخبر لبعض الرجال بان العبقرية تحت الاسمال....
يوم 6 ايار كان سلطيا بامتياز فقد مشينا على طريق السلط وتسلقنا السلالم وتذوقنا خبزها وقمحها وماء نبعها وشهدنا طيب خلق اهلها وحبهم وخفة دمهم واسترجعنا معهم الكثير من تاريخ وطرائف الشخصيات التي كانت ايقونات لتراث المدينة وطرائفها وحكاية المكان الاغنى في الفضاء الاردني....
شكرا للسلط التي ابقت عيونها على القدس... شاهدة بان محرر القدس له معلما فيها كان ولا يزال الوادي الذي اقام فيه الجند المرابطون....ولم يغيروا اسمه بل حافظوا عليه الى جانب حارتهم التي شكلت مع الوادي ثنائية جميلة.. ينفصلان لغايات الاشهار ويتصلان من اجل التأكيد على ان في التنوع غنى لا يدركه إلا من اتسعت صدورهم لقبوله واستثماره واشهاره... فتحية للسلط وحاراتها وواديها واغرابها فقد كانت ولا تزال منبع رجولة وعز ووطنية تفيض على محيطها.