سيناريو الخطر الحقيقي لداعش
د.حسام العتوم
05-05-2015 05:13 PM
السؤال العريض الذي يطرح نفسه وسطنا هذه الأيام وبقوة هو من هي الجهة التي صنعت داعش (ISIS) ولماذا؟ فهل هو الجناح السلبي للوهابية؟ أم القاعدة؟ ام الفقر والبطالة؟ أما الاستخبار الدولي؟ أم أمريكا تحديداً كما يشاع؟ ولماذا لم تستهدف داعش حتى الساعة إسرائيل ومصالح الغرب؟
وهل توجد صلة بين إسلاموية (ISLAMIZATSIA) داعش والإسلام الحقيقي؟ ولماذا امتهنت عصابات هذا التنظيم الجريمة طريقاً لنشر فكر وأيديولوجية ما يسمى (بالدولة والخلافة)؟ ومن ثم لماذا هي سياسة الإقصاء والتطرف والانحراف والخراب والدمار والفساد التي تنتهجها؟ وهل يوجد غاية لها من جمع مرتزقة العالم بواسطة المال الأسود والوعد المزعوم بالجنة ومفاتيحها بهدف الانتشار السريع؟، وهل البغدادي هو العقل المفكر والمخطط لها؟ دعونا نجيب على هذه الأسئلة وغيرها بالارتكاز على الممكن من الكتب والوثائق، والواضح هنا بأن فكر عصابات التنظيم هو سلفي جهادي تكفيري وسلبي وهابي وفرع من شجرة القاعدة المؤذية، وارتكز في قوته على الاستقطاب الطائفي والأيديولوجي الديني المحرّف عن الإسلام الحقيقي المعتدل، ويدعي أنه حامي للسنة، وثائراً على الفساد، ويتبنى العنف والإرهاب نهجاً لتحقيق أهدافه السوداء، ويمارس نازية تتساوى مع القرون الوسطى وأدولف هتلر في الحرب العالمية الثانية (1939/1945)، وإسرائيل في جنوب لبنان وغزة، وفلسطين التاريخية، والتاريخ المعروف لهذا التنظيم البشع يعود لعام 2003 عندما ظهرت (جماعة التوحيد والجهاز) في العراق على يد الإرهابي (أبو مصعب الزرقاوي) المبايع وقتها لزعيم القاعدة المحترف إرهاباً أسامة بن لادن، ويعتبر حراك الزرقاوي القيادي وسط القاعدة في بلاد الرافدين بمثابة النواة الأولى (لداعش) آنذاك، التي ارتكزت على توظيف وتجييش المرتزقة من كافة بقاع الأرض التابعين للتيار السني خاصة، وتمكن بعدها الزرقاوي من تشكيل تنظيم (مجلس شورى المجاهدين بزعامة أبي عمر عبدالله رشيد البغدادي، وتم حل المجلس هذا بعد مقتل الزرقاوي نفسه، ليخلفه أبوحمزة المهاجر، وفي عام 2010 قتل أبي عمر البغدادي وتم مبايعة أبي بكر البغدادي أميراً للتنظيم الجديد.
وفي أيلول سبتمبر /2007 حذرت إحدى المؤسسات الأمنية الهامة في العالم، حسب كتاب عبدالباري عطوان (القاعدة – التنظيم السري، ص355)، وهي المؤسسة العالمية للدراسات الإستراتيجية (IISS) من أن جوهر القاعدة لا يزال قادراً على التأقلم والمرونة، واستنتجت أن التهديد الناجم عن الإرهاب الإسلاموي يبدو أنه متجه نحو الأسوأ في إشارة لتفريخ تنظيم القاعدة لعصابات إرهابية مماثلة مثل (داعش)، و(النصرة)، و(خرسان) وغيرهم، وفي (ص191) من نفس الكتاب سابق الذكر نقرأ بياناً موجهاً لإحدى الدول العربية الهامة تضمن تهديداً مباشراً لاستقرارها من قبل أسامة بن لادن تاريخ 16/كانون الأول/ديسميبر/2004، وهو الأمر الذي اعطى مؤشراً على هدف التنظيم الأم (القاعدة) وفروعه في الانتشار وسط دول العرب والمسلمين لبث سياسة الرعب والخراب والدمار واختطاف الإسلام حسب منهجها والعزف على الطائفية والمذهبية والعنصرية البغيضة، وتحليل لترميز تنظيم (داعش) النازي هذا Israeli Secret Intelligence Service (ISIS) يؤكد ارتباطه بالموساد الإسرائيلي، بوجود لقاءات سرية مع رموزه وقياداته وهناك تشابه بين (داعش) و(القاعدة) وإسرائيل في تشكيل نواة (الدولة) على نموذج الهاغاناه وشتيرن في الانتشار خارج الحدود.
وعليه لا يعد البغدادي (الرأس الكبير) إذن هو مفكر التنظيم المسخ هذا، ففي داخله اسماء كبيرة أخرى، وحادثة محاولة اغتياله 18/مارس الماضي في منطقة البعاج القريبة من الموصل شمال العراق وأصابته بعدها بالشلل بعد قصفه من قبل قوات التحالف، وبعد ذلك جرى اجتماع سري عاجل للكبار وتم تعيين الحاج أيمن (الخليفة عبدالرحمن مصطفى المشهور بـ(أبوعلاء الصفري) مدرس الفيزياء سابقاً المنحدر من بلدة نينوى القريبة من الموصل، وكل قادة (داعش) بالمناسبة هم من سلالة شيخ الإرهابيين أسامة بن لادن زعيم القاعدة، وعرفت (داعش) كما (النصرة) و(القاعدة) قبلهما وبالتوازي معهما لاحقاً بالعزف على مواطن الفقر والبطالة والانحراف وسط مجتمعاتنا العربية الذي يراد له أن يبقى وينتشر تجاه تعاطي المنحدرات والاتجار به رغم خطورته، لكن أجهزة الأمن اليقظة في الأردن وفي بلاد العرب ترصده في كل لحظة، ومع هذا يستمرون في دفعه تجاهنا، وفي المقابل يستغرب المواطن العربي الشريف عدم استهداف (داعش)، وشقيقه (النصرة)، وأمهما (القاعدة) إسرائيل حتى السعة وعدم مطالبتهما بإنهاء احتلالهما لأراضي العرب في فلسطين وسوريا ولبنان، وبالاعتراف بحق العودة والتعويض وبإخلاء المستوطنات من ساكنيها اليهود الرحل في وقت هو فيه صاحب الأراض الفلسطيني مهجر ومسجون ويعاني من ويلات الدمار والخراب الذي سببته إسرائيل ذاتها في عدوانها المتكرر على قطاع غزة المنكوب أصلاً.
ويبقى موضوع اختراق الاستخبار الدولي لداعش واردا، وما عصابات هذا التنظيم الإرهابي ومرتزقته وكما اعتقد إلا دمى فوق مسرحهم ويحركونهم كيفما شاءوا، وتبقى مسألة اتهام أمريكا بصناعة داعش التي تعود حرب التحالف ضدها تحت علامة استفهام كبيرة ومقابل هذه المعادلة اتهامات من جهات مختلفة لأمريكا حول هذه الصنيعة، واتهام امريكي لأنظمة عربية باحتضانه ومنها نظام دمشق الغارق في الدفاع عن نفسه من الإرهاب متشعب الأطراف، وبناءً على ذلك تتشابك الخيوط حول هذا الموضوع، ولا بد لنا هنا من أن نتحرى الدقة أثناء قراءتنا لكتاب هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة والمرشحة الرئاسية لعام 2016 (خيارات صعبة) التي يعتقد أنها قالت فيه بأن بلادها أمريكا صنعت داعش خدمة لمخطط الشرق الأوسط الجديد، وأرادت إعلان مشروع (الدولة الإسلامية) هذا تاريخ 5/7/2013 ومن ثم جلب تأييد العديد من دول العالم له وفي مقدمتهم أوروبا.
وفي الختام علينا جميعاً أن نعرف بأن خوارج (داعش) نبتة فاسدة وسط عالمنا الإسلامي الرحب ترتكز على العنصرية والطائفية والنازية وتمارس قتل النفس البشرية دون وجه حق، وتتباهى وبصورة قبيحة وغبية في قطع الرؤوس وحرق الأجساد حية والانتحار والإسلام الحقيقي العادل منهم بكل تأكيد لقوله سبحانه وتعالى في سورة الأنعام (الآية 151) (.... ولا تقتلوا أولادكم من املاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون) صدق الله العظيم، وقوتهم العسكرية التي شكلوها بداية في الرقة السورية، وفي الموصل العراقية ووسط الأكراد، وفي طرابلس وسرت في لبيبا، تعرضت لضربات (قوية في بنيتها التحتية من قبل قوات التحالف ومن الأنظمة العربية نفسها وفي مقدمتها الأردن، فيما بقيت (داعش) منتشرة للأسف على شكل خلايا نائمة ومتحركة تظهر وتختفي وتتلاعب بورقة السنة المظلومة في العراق تحديداً، وفي مقابلة لمحطة (سي.ان.ان) الإخبارية الأمريكية مع جلالة الملك عبدالله الثاني التي بثت الأحد 3/5/2015 وضعت الأصبع على الجرح وأكدت قرب نهاية داعش بعد التحالف مع عشائر سوريا القريبة من حدودنا الأردنية ووجهت سؤالاً لنظام دمشق الذي لم يطارد داعش حتى الساعة بينما حارب الكل، وأسجل اعتزازي هنا بجهاز أمننا الأردني الذي ألقى القبض أمس على خلية قيادية تابعة له بهدف التغلغل والتخريب.