( لا تنظر للنصف الفارغ من الكأس ولكن يجب أن تنظر الى النصف الممتلئ ) ...أنا لا اعرف من صاحب هذا المثل , ولكني أظن أنه ( .....) .
أولا : العلاقة مع الماء هي علاقة شرب وليست علاقة نظر , بمعنى أن الكوب إذا احتوى على النصف أو الربع أو كان مليئا , فانت تحتاج للشرب وليس للنظر .
ثانيا :- انا حر ربما أريد أن أضع في النصف الفارغ قليلا من الثلج , ربما مثلا أريد أن ( أكسدر) على سطح البناية , وحتى لا (يطرطش) الماء على يدي أترك نصفه فارغا ...
البارحة مثلا , قرأت خبرا عن بعض الصناعيين , الذين قرروا مقاطعة اللقاء مع رئيس الوزراء, وسألت نفسي هل ينطبق عليهم المثل القائل :- (لاتنظر إلى النصف الفارغ من الكأس ) ...وتخيلت رجلا يضع كوبا من الماء على الطاولة , ومتمعن في النصف الفارغ ..فكرت قليلا وقلت :- هي في النهاية عيونه , وهو حر ينظر أينما يشاء , نصف الكوب , وربما كل الكوب ..وربما حتى بنت الجيران ..
اليوم هذا الصباح , ولحظة كتابتي المقال كان أمامي كوبا من الشاي الأخضر نصفه فارغ , تأملته قليلا , لم يحدث شيء ..ثم تأملت النصف الممتليء , ولم يحدث شيء أيضا ...يبدو أن من ابتكر المثل كان ثملا , وظن أن الكأس فارغ ....فمشينا خلف رجل ثمل , واسقطنا هذا المثل على حياتنا .
وللعلم أنا أريد أنظر للجزء الفارغ من الكوب , ...(أنا حر) ...أريد أن أبقى مركزا عيوني عليه , وليقولوا أن عبدالهادي راجي ينظر إلى الجزء الفارغ , وأخطط للقاء تلفزيوني في محطة , خاصة ...(مدفوع الأجر) وسأحضر كوبا معي , وأبقى متأملا الفراغ الذي فيه .
في الإعلام , حين ننتقد حكومة ما ...يخرج رجل ما ويقول :- (لاتنظروا إلى النصف الفارغ) ....وحين ننتقد النواب , نفس المثل يسرد على صفحات الجرائد من قبيل الرد ...وحين ننتقد إيران , يرسل لنا البعض بتعليقات ...تحتوي هذا المثل , وإذا قلنا ...أن هناك وزارة متعثرة , أيضا يجابهوننا بهذا المثل .
ياترى حين كتب طه حسين , وأثرى الفكر العربي , هل كان ينظر للجزء الممتليء أم الفارغ ....؟ مع أنه كان أعمى البصر .
على كل حال أنا قررت أن اشرب من (البربيش) مباشرة ولم تعد لي حاجة في الأكواب أبدا , أتعبتنا الاكواب واتعبنا النصف الفارغ فيها , وأتعبنا اكثر ذلك النصف الملان ...
بلدي ليس كوبا بنصف فارغ , ونصف ممتليء ...
"الراي"