الاصل ان تكون ورشات العمل لمن يعملون في نفس المهنة او القطاع مع استضافة عدد قليل ممن يعملون في قطاعات مجاورة للمجال الذي تعقد فيه الورشة….الاعلامي المخضرم احمد سلامة ابتدع نموذجا جديدا لورشات العمل او الخلوات اذا جاز التعبير للعاملين في قطاع الصحافة المحلية ومتابعة القضايا والاخبار ….في هذه الورشات التي تعقد في اماكن بعيدة عن ضجيج العاصمة يلتقي اجيال من الصحفيين…بعضهم تجاوز السبعين وبعضهم لا يزال على الدرجات الاولى من السلم..يتفاعلون بحرية وعفوية وانفتاح وسط اجواء مفعمة بالدعابة والطرافة والتنكيت.
ابا رفعت شخصية مشبعة بالتاريخ وبارع في السرد الشفوي كما في الكتابة اشتق عنوانا خليجيا لهذه اللقاءات حيث اكسبها صبغة رفاقية خليجية “الربع” وغايتها البوح وغسل القلوب مما علق فيها…فهي اشبه بطقس خاص على شاكلة مواسم التخصيب لكنه يرمي الى تجاوز الجفاء او سوء الفهم الذي قد يتراكم نتيجة لضعف التواصل او لتشابك المصالح والعلاقات..
ولانه مثل النهر لاصدقاءه ومحبيه فقد حرص على ان يتولى الدعوات من خلال اصدقاءه الذين يفهمون نبضه ومزاجه وانشغالاته….في العام الاخير حضرت ورشتين من ورش الصحافة والسياسة المحلية احداها شتوية والثانية ربيعية في غابات العالوك وسفوح عبين وعبلين
في كل مرة تشعر بتشابه بين شبكات الصداقة الافتراضية وجمعات الورش الاحمدية من حيث انها مفتوحة للاعمار والمهن والاتجاهات ففيها اشخاص يصعب ان تراهم مجتمعين في اي مكان اخر الا على قوائم ناصر قمش وعبدالله العتوم…القوائم تحمل اصدقاء لاحمد من السبعينيات والثمانينيات والالفية الثالثة واخرون صادفهم قبل يومين…
حجم البوح والدفء يصعب ان يوصف فالجميع يتحولون الى شعراء حتى وان لم يقولوا شعرا..وفي الفواصل التي تحتاج الى اشغال ياتي ابا رفعت بقصة ابطال بعض مشاهدها من الحاضرين لكنها مشبعة بالحكم والمواعظ والدروس التي لا تنفك عن الحاضر وكانه يخيط الاحداث في مسلة فيريك ارتباط الماضي بالحاضر وصلته بالمستقبل.
اظن ان الجميع يمضون اوقات جميلة ينعمون بسقاية ورفادة و مشاركة رفاقية لا تجدها في بلادنا هذه الايام….محزن ان تهدر طاقة وبراعة ومعرفة احمد بتاريخنا وتفصيلاته وطبائع الناس وقدرته على ان ينتج من فعل اعتيادي افكارا وروحا وحكمة وخطابا قلما تجد من يملك القدرة عليه.
في فضاء مفعم بالخصومات والشللية هناك من يمتلك القدرة على جمع الناس حول خطاب يتجاوز الترحيب والدعوة لهم بان يتفضلوا على الميسور …فلاحمد براعة ونباهة ستبكينا اذا فقدناها لا قدر الله.