عندما يتعلق الأمر بالنتائج التي أسفر عنها الربيع العربي يمكن تقسيم الدول العربية إلى ثلاث مجموعات:
المجموعة الاولى تشمل دولاً نجت من التجربة المرة أو تجاوزتها مثل الأردن ودول الخليج العربي والمغرب.
والمجموعة الثانية تشمل دولاً عاشت العملية في حدها الأقصى وخرجت منها سليمة واستفادت من التجربة كتونس ومصر.
والمجموعة الثالثة تشمل دولاً تحولت بفضل الربيع العربي إلى دول فاشلة. والفشل في هذه الحالة يعني فقدان الامن، وفقدان السيطرة على أجزاء هامة من أرض الوطن، وإطلاق حركة واسعة من اللجوء إلى الخارج أو النزوح من أماكن الإقامة المعتادة إلى أماكن أخرى أقل خطراً، مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن.
في العراق كان (الربيع) أميركياً، فقد جرى تدمير الدولة العراقية وتسليمها لإيران والمليشيات الشيعية والإرهابية، مما أدى إلى لجوء نصف مليون عراقي إلى الخارج ونزوح ثلاثة ملايين داخل البلد، وانتهى بقتل وجرح أكثر من مائة عراقي يومياً، وارتفعت نسبة الأمية من صفر إلى 45%.
وفي سوريا انخفص متوسط العمر المتوقع من 9ر75 سنة في 2010 إلى 7ر57 في 2014، وُحـرم نصف الاطفال من الذهاب إلى المدارس، وتم إجبار حوالي نصف السكان على مغادرة بيوتهم سواء باللجوء للخارج أو النزوح ضمن البلد.
وفي ليبيا اليوم حكومتان وجيشان وقائدان وبنكان مركزيان وعدد من العصابات والمليشيات، وتبخرت جميع الآمال بقيام نوع من الديمقراطية بعد إسقاط نظام القذافي.
أما في اليمن فقد تمرد الحوثيون بدعم وتحريض إيراني ضد الحكومة الشرعية وانتعشت آمال الانفصاليين بالعودة إلى تشطير اليمن إلى جنوب وشمال، وبرزت نشاطات تنظيم القاعدة، وانطلقت الطائرات الأميركية بدون طيار لتصطاد ما تشتبه به. ثم جاءت عاصفة الحزم تضرب من الجو والبحر، واستمر ثلثا اليمنيين في مضغ القات!
ولعل أسوأ ما أحدثه الربيع العربي هو دفع القضية الفلسطينية إلى مكان خلفي، والقضاء على الطموحات العربية بتحقيق الديمقراطية، وقتل الروح الوطنية والقومية والاستعاضة عنها بهويات طائفية، حتى إن قضية الشرق الأوسط تتلخص الآن في الحرب بين الـُسنة والشيعة، وأخيراً وليس آخراً توفير الفرصة لبروز حركات إرهابيـة كداعش تسيطر على مدن وأراضي، وتنشر الفوضى والجريمة. الرأي