السعادة خارج تمنيات المحبين ..
د. صبري ربيحات
27-04-2015 12:57 AM
السعادة حلم يراودنا جميعا...يتمناها لنا المريدون...ونبدأ فيها خطابتنا ورسائلنا ..ونطبع دعواتنا وامانينا لاصدقائنا بالسعادة على بطاقات المعايدة ودعوات الافراح والرسائل النصية..نتمنى ان تكون الاعياد سعيدة......لكنها تبقى دعوات وكلام واماني في كثير من الاحيان.
في صباح اليوم الاحد صحوت متاخرا عن مواعيد الصحيان المعتادة وطالعت شاشة هاتفي الجوال لارى العديد من الارقام لمكالمات لم يرد عليها فباشرت بالرد لاعرف اني على موعد مع طالبات مدارس الوكالة "غوث اللاجئين" في محاضرة عن التطرف والعنف وهموم الشباب... وادركت ان بيني وبين الموعد الذي حدد للمحاضرة ساعة واحدة...توقفت عن الاتصال وباشرت بتحضير نفسي ونزلت مسرعا فمن غير المقبول والمعقول ان تخذل الطالبات اللواتي يتوقعن حضوري مهما كانت الاسباب.
قبل الموعد بدقائق كنت على بوابة المدرسة التي تعج بمئات الطالبات ...بعضهن انهين اليوم الدراسي واخريات كن قد حضرن للتو للالتحاق في برنامج الفترة المسائية ...ففي نظام الفترتين يبدأ بعض الطلبة يومهم مبكرا فيصحون مع الشمس وينهون يومهم قبل انتصافها في السماء لتبداأ الفترة المسائية التي يصعب عليك ان تعتبر نشيد طلبتها صباحيا فالصباح انتهى واشتد الضجيج و الكل في اجواء الظهيرة.
كانت السيدة ميسون الخطيب معلمة الفيزياء ومنسقة النشاط عند بوابة المبنى لترشدنا الى ادارة المدرسة وسط الكثير من الضجيج الناعم الذي يوحي بحيوية المكان وطاقته الايجابية التي يصعب ان لا تلاحظها في المبنى الذي بدى كقوس قزح تنتظم فيه الالوان مع غلبة للون البنفسجي الذي بدى عنوانا للبهجة في مدرسة يذكرنا وجودها بطول امد النكبة واثارها..
ما ان دخلنا الى القاعة التي خصصت للقاء اليوم حتى شعرت بحيوية وحماس الشابات اللواتي بدت عليهن علامات الترحيب...بعد جولة تعريفية افصحت عن تشابه الاسماء وتكرار العديد منها سارة واية واسماء اخرى تفصح عن الكثير من التشابه والتجانس الثقافي لطالبات العاشر في النزهة الثانوية.
اثرنا ان نتحدث عن السعادة وكيف نحققها في زمن الخوف والردة والاقتتال...تفاعل الطالبات اضاف الى طاقة المكان الكثير من اليقضة تحدثنا عن الانسانية والتنمية والتخطيط الفردي والحلم الاردني والسعي اللامتناهي لتحقيق السعادة....في محاولة لتذويب كل ما يمكن ان يشكل حاجزا للتفاعل الحر اشتبكنا مع العديد من الصبايا في حوارات ثنائية تتطرق الى المخاوف والمنغصات والحواجز....تحدثنا عن السعادة وكيف نصنع وصفتها الخاصة بنا ... ان لا نضيق بمن يختلفون معنا...وان ندرك ان للانسان قدرة على الكراهية كما الحب وعلى الخوف مثل الاقدام ...وفي ختام الحوار الذي استنفذ ساعتين من وقتهن ووقتي اتفقنا على ان نتبنى مبادرة يلتزم كل واحد منهن باسعاد زميلة واحدة تكرس كل طاقاتها لذلك على ان تعتبر سعادتها محور النشاط اليومي ....
التدرب على ان نهتم بالغير ونراعي اهتماماتهم ومشاعرهم سيولد في المكان طاقة تجعله اكثر جاذبية ومتعة وملائمة للجميع.. الفكرة كانت موضع ترحيب الصبايا اللواتي تعاهدن على تنفيذها....
منذ اليوم سيكون شعار المشاركات ان لا يختلفن الا على من تحب فيهن الاخرى اكثر ..عندها اظن اننا سنتخذ خطوة باتجاه وقف التدهور القيمي وتردي العلاقات التي جعلتنا نشكك في كل قول وننتقد نوايا كل فعل. ...
لقاء اليوم ممتع ومفيد وكنت اتمنى لو انه لم ينتهي...خرجت من المدرسة وانا اشعر بصداقة وقﻻرب كل الذين صادفتهم وتحدثت اليهم وسمعت منهم.....تحية للصديقة الاستاذة عريب الخطيب التي رتبت اللقاء.