قد لا يختلف اثنان أن الانتخابات هي شكل من أشكال وآلية من آليات الديمقراطية وليست كل الديمقراطية، بمعنى أننا لا نستطيع أن نصنف بلدا ما بأنه بلد ديمقراطي تعددي لمجرد إجرائه إنتخابات أو لمجرد وجود مجلس و نواب بغض النظر عن قوة أو ضعف ذلك المجلس.إن الديمقراطية بمفهومها البسيط والواضح تستلزم بالضرورة وجود أحزاب، و مؤسسات مجتمع مدني، و مناخ سياسي حر، وأفراد مستقلين يتمتعون و يمارسون أقصى درجات الحرية المنضبطة دون تغول او مزايدات على هذا الطرف او ذاك .
أسوق هذه المقدمة السريعة لاقول ان جميع او لنقل ان معظم الذين شاهدوا و سمعوا جلالة الملك يتحدث عن ضرورة إجراء الإنتخابات البلدية و النيابية في موعدها المحدد هذا العام انتابهم شعور من السعادة و الغبطة لذلك التأكيد الملكي، كيف لا و كلام جلالته يجسد و يؤكد بما لا يدع مجالا للشك نهجا راسخا اختطه الأردن للوصول إلى الديمقراطية الكاملة التي لن ترى النور إلا إذا عرف كل مواطن في البلد الطيب ما له من حقوق و ما عليه من واجبات و من ضرورة إعطاء الفرصة لكل مواطن بالمشاركة الفاعلة و البناءة في الحياة السياسية بغض النظر عن توجهاته أو معتقداته السياسية، فالجميع شركاء في هذا الوطن و في بنائه و نهضته و سؤدده على قاعدة الإنتماء أولا و آخرا، وأن لا فرق بين هذا و ذاك إلا بمقدار إنتمائه.
فالأردن الصغير بمساحته و قلة موارده الكبير العظيم بقيادته و بشعبه الأصيل يخطو خطوات ثابتة و راسخة نحو ترسيخ الديمقراطية و توطيدها فعلا لا قولا.
أما بالنسبة للإنتخابات القادمة فهي فرصة (جردة حساب) لكل مواطن لمحاسبة النائب الذي اختاره ليمثله في إيصال همومه و مشاكله للمسؤول، فالمواطن الأردني –ولله الحمد- أصبح قادرا الآن أكثر من أي وقت مضى على التمييز ما بين الغث و السمين بالرغم من كل الضغوط التي يمكن تمارس عليه منها هو عشائري، أو عقائدي، أو سياسي.
أم فيما يتعلق بمجلس النواب الحالي و الذي شارف على انهاء دورته الحالية و الأخيرة فإن ثمة سؤالا يلح علي باستمرار ولا أجد مناصا من طرحه هو: هل تحلى السادة النواب أثناء مناقشاتهم لمشاريع القوانين بحس من المسؤولية و الديمقراطية ؟ هل كانوا منسجمين مع أنفسهم و يجسدون رغبات و آمال ممثليهم عندما شرعوا و أقروا عقوبة حبس الصحفيين ؟
أكاد أجزم أن السلطة التنفيذية كانت أحيانا أكثر ديمقراطية و ليبرالية في تناولها لبعض القوانين و التشريعات من بعض السادة النواب و الذين لا هم لهم سوى الحصول على بعض الإمتيازات والإستثناءات مغلبين بذلك مصالحهم الخاصة على الصالح العام.
و الله أسأل أن تفرز الإنتخابات القادمة نوابا أكثر تفهما و حرصا على مصالح الوطن و المواطن من بعض النواب، و أقول البعض حتى لا يفهم كلامي تجنيا على المجلس الذي نحترم و نجل كسلطة تشريعية و رقابية.
نضال أبو مديرس الزبيدي
السعودية
تلفون 00966551898141
nedzed10@yahoo.com