العربية لحماية الطبيعة .. الأردن وفلسطين النماء والإنتماء
اسعد العزوني
26-04-2015 03:53 PM
لا أتحدث عن قوى من الشد العكسي التي لها ثقل سياسي وهيمنت على مقدرات البلاد، ولا عن مجموعات أو ائتلافات مالية واقتصادية لا يشملها قانون الضرائب، بل عن جهد بدأه أشخاص منتمون بحق للأردن وفلسطين وللأمة، تلقوا تعليمهم في الجامعة الأمريكية ببيروت، وتخرجوا منها قوميين عربا، منافحين أقوياء عن عروبتهم وانتمائهم، رغم الإغراءات التي تقدم في الجامعات الأمريكية، والوعود التي تقضي بتعيينهم في مناصب صنع القرار في الدول العربية، كون الشائع والسائد، أن تعطى الأحقية والأولوية لأصحاب الولاء الأمريكي أولا والبريطاني ثانيا والإسرائيلي ثالثا في التعيينات في الصف الأول.
هؤلاء الأشخاص الذين أثبتوا قوميتهم وصدق انتمائهم لأمتهم، وتتقدمهم م.رزان زعيتر "فلسطين"، وزوجها اللبناني م.حسن جعجع، وآخرين من خريجي الجامعة الأمريكية، أنجزوا أيما إنجاز، وأثبتوا أن لا شيء مستحيلا في حال توفر النوايا الصادقات، وعدم الطرق على الخزان من أجل إحداث صوت وضجة للفت إنتباه صناع القرار كي يجودوا عليهم ببعض المكاسب.
هذه المجموعة التي باتت تنمو بشكل لافت في الأردن وفلسطين وقطر، ليسوا حزبا قوميا أو دينيا أو أمميا، وكما هو معروف فإن كل هذه الأحزاب سجلت فشلا ذريعا على كل المستويات، وتحديدا في تنمية الحياة السياسية، ولست ميالاً للقول السائد إن الحكومة لا تشجع العمل الحزبي، لأن الصادق والجاد والمخلص يستطيع العمل تحت الأرض، وما أقوى وأصلب هذا النوع من العمل السياسي، وبتنا نرى هياكل هذه الأحزاب وهي تتشظى لتنحدر إلى الحزب "العائلي".
هؤلاء الأشخاص يعملون بأخلاق النبلاء، ويعملون بإخلاص، ويبذلون الجهد الصادق من أجل الأردن وفلسطين، وبصماتهم على الأرض تدل عليهم، ولكن ليس من خلال تبني شعارات ثورجية جوفاء فارغة، لها صوت دون صدى، بل من خلال الدخول في نوع جديد وحقيقي في مقاومة الإحتلال من أخطر الأبواب، وهو الشجر الذي يضرب جذوره في الأرض وأغصانه تعانق السماء، والذي يستمر الإحتلال الإسرائيلي، بقلعه من الأراضي التي ما تزال تحت الملكية الفلسطينية، لبيعه في المزادات العلنية، وزراعته في المستعمرات، أو حرقه واقفا أو تقطيعه في وضح النهار تحت حراسة الجيش الإسرائيلي.
هذا الإبتكار الرائع بحد ذاته هو روح المقاومة التي لم يتنبه لها أحد، لأنه يساعد المواطن الفلسطيني على التشبث بأرضه لشقين، الأول أن هناك من لا يزال يتذكر فلسطين ويقدم الدعم لها، والثاني زراعة الأرض وتعميرها والعيش منها، وهذا ما يجسده مشروع المليون شجرة في فلسطين التي تتبناه العربية لحماية الطبيعة، وبالمناسبة فإن الجمعية المقاومة التي إنطلقت في العام 2000، بدأت مؤخرا في زراعة المليون الثالث وهي تتحرك يمنة ويسرة في فلسطين بأجزائها الثلاثة :الساحل المحتل عام 1948 الضفة الفلسطينية وغزة، في مواجهة العدو الذي يقتلع الشجر، وتقوم بإعادة زراعة الأشجار بدلا من الأشجار التي يقتلعها الإحتلال.
لم تهمل العربية لحماية الطبية الشق الثاني من الأراضي المقدسة وهو الأردن الذي يتعرض لضغوط دولية وإسرائيلية قديمة، تقضي بمنع الزراعة فيه، حتى لا يكون منتجا، ويبقى رهن فتات المساعدات الغربية، وحسب القرار الدولي "ضعيفا وفقيرا "، ولكن لا بأس من زراعة بعض الأصناف التي تستهلك مياها كثيرة لتصديرها ل"مستعمرة "إسرائيل.
هذه الخطوة الثورية بإمتياز، تؤشر إلى الإيمان القاضي بأنه لا فرق بين الأردن وفلسطين، ولهذا جاء برنامج القافلة الخضراء لجعل الأردن أخضرا قدر الإمكان، علما أن كافة الحكومات الأردنية المتعاقبة التي زاد عددها عن تسعين حكومة لم تلتفت للمحافظات وتعمل على تغيير الحياة فيها نحو الأفضل من خلال تنمية حقيقية مستدامة.
القافلة الخضراء تشهد تقدما بطيئا بسبب عدم تعاون الجانب الرسمي معها، ومع ذلك فإنها تسير نحو هدفها، وهذا البرنامج يشمل كافة المناطق الأردنية،ويعمل على توعية طلبة المدارس، ويخلق توأمة بين المدارس في العاصمة عمان ومدارس المحافظات.
وفي حوار جانبي بالأمس خلال جلسة عمل إتسمت بالعصف الذهني نظمتها العربية لحماية الطبيعة في عمان السبت الماضي، أذهلني م.حسن جعجع ممثل العربية في دولة قطر، بمدى إستجابة دولة قطر حكومة وشعبا مع جهود الجمعية من حيث الإسهام المادي والدعم وحتى التطوع من قبل شياب وشابات قطر للعمل في هذه الجمعية المقاومة.
ولأن هذه الخلية المقاومة لها أجندة ثورية ، فقد فرضت نفسها على الساحة الدولية ، ونافحت وناضلت كثيرا من أجل الأمن الغذائي العربي والحفاظ عليه وعدم إنتهاكه، وقد نجح القائمون عليها في تسجيل إختراقات
نفخر بها في الساحة الدولية، وبات حضورها في المؤتمرات الدولية لافتا وتحصيل حاصل ومشرفا، علما أن الحكومات العربية وسفارتها في الخارج لم تفكر بالإقتراب من هذا الهدف مطلقا.