facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الخيار الحكيم (دعوة الملك نموذجاً)


أ.د. أمل نصير
22-04-2015 05:15 PM

تحدث جلالة الملك عبدالله الثاني في مقابلته مع قناة فوكس نيوز عن أبرز التحديات التي تواجه منطقتنا العربية الأكثر خطورة في العالم، وموقف الأردن منها، ومن أهم الموضوعات التي أثيرت في المقابلة هي التمدد الإيراني في المنطقة، والاقتصاد الوطني، والتهديد الداعشي، والنزاعات العربية العربية.

فأما توسع إيران، وانتشارها في أماكن كثيرة في المنطقة، فقد رآه الملك مثل لعبة شطرنج ثلاثية الأبعاد إن تحركت قطعة واحدة، تسببت في تحريك قطع أخرى، فلدى إيران كثير من الأوراق وكلها أسباب لعدم الاستقرار، وعند التعامل معها يجب أن نأخذ كل أوراقها، ونربط بينها لفهمها جيداً، وبالتالي مناقشتها جميعها مع الإيرانيين. ولا يمكن مناقشة كل مسألة منفصلة.

مثل هذه الدعوة إلى الحوار مع إيران قد لا ترضي بعض الأشقاء العرب، لكنها يمكن أن تصب في المصلحة الوطنية العليا؛ لأن إيران باتت بالفعل على حدودنا مع سوريا والعراق، وهي لا تظهر العداء المباشر لنا، فلماذا لا نتفاهم معها؟، فأمريكا بقوتها العسكرية، وعدائها المعروف لطهران، جلست معها إلى طاولة الحوار، وخرج الطرفان بتفاهمات مرضية لهما، والأفضل لنا أن نحذو حذوها لاسيما أن عقيدتنا تقربنا منها أكثر مما تفرقنا، ولا حاجة لنا أن نُخرج عدوا جديدا من جحره العميق اليوم، فهذا أمر يشكل عبئا كبيرا على أمن المملكة واقتصادها.

لكن ما يقلق الملك اليوم، ليس إيران ولا داعش كما يظن كثيرون لثقته العاليه بالدبلوماسية الأردنية، وبقدرات الجيش الأردني القادر على سحق كل من تسول له نفسه الاقتراب من حدودنا، وإنما الذي يقلقه الاقتصاد الوطني، لاسيما تأثير اللاجئين على الموازنة، فهناك حوالي 1.5 مليون لاجئ سوري في الأردن مما يشكل نحو 20-21% من السكان، والدعم المقدم من المجتمع الدولي هذا العام لا يغطي سوى28-29% من الميزانية المطلوبة لهم، وعلى الأردن تحمّل الباقي، وهذا أمر محبط للغاية، بل هو ظلم كبير للأردن والأردنيين الذين ما عادوا يقدرون على الصبر، وهم يرون وطنهم يعاني كل هذه المعاناة في حين الدول الأخرى تعمل على رفاهية شعوبها، ونقائها، وأمنها الاجتماعي، وفي الوقت نفسه يغدقون المليارات الكثيرة على دول عربية أخرى في تجاهل تام للمديونية الأردنية الضخمة بالنسبة للاردن، ونقطة الماء في بحر مقدراتهم.

وبات من حقنا أن نسأل لماذا لا يقوم المجتمع الدولي بمساعدة الأردن في تحمّل أعباء اللاجئين المالية والاجتماعية، فهم لا يكتفون بإغلاق الحدود في وجههم، بل يعمل بعضهم على إغراقهم في البحار والمحيطات العميقة!

فلماذا هذا النكران لكل ما يقوم به الأردن، الذي أصبح يقلقنا ملكا وشعبا، وما موقف الملك الذي أظهره في مقابلته إلا انعكاس لحالة شعبه الذي يشعر أنه تُرك وحيدا في ميدان مليء بالمزالق بعدما قدموا فوق طاقتهم لكل موجات اللجوء التي قدمت إلى المملكة، ولعله أيضا تمهيد لموقف جديد في الأفق من موجات اللجوء العراقي الجديدة.

إن الأردنيين يشعرون اليوم أكثر من أي وقت مضى أن الدول العربية التي تكنز المليارات في بنوك الغرب، وتضخ مثلها في اقتصاده؛ لا تقوم بواجبها تجاه اللاجئين، فتكلفة اللاجىء ليس في خيمته وطعامه وشرابه فحسب، وإنما في ضغطه على أمن الأردن، وعلى بنيتة التحتية والخدمية المتواضعة أصلا، فكيف سيكون الحال مع زيادة سكانية مفاجئة بحجم اللجوء السوري؟!

أما المواقف الضبابية والمترددة التي تنتهجها بعض الدول، فهي لا تعجب الملك؛ لأنها توقع الآخرين في حيرة من أمرهم أحيانا؛ لذا يرى من واجبه اليوم أن يبادر لاتخاذ ما يراه مصلحة لوطنه وأمته؛ لأن الأمور تحدث بشكل متسارع، وعليه التصرف بسرعة بعدما تبين له أهمية الإمساك بزمام الأمور، واتخاذ قراراته بنفسه بشكل مباشر وبحزم أكثر، فهو أدرى بمصلحة بلده ومنطقتة، ولعل الملك يشير هنا إلى التحالفات التي باتت سمة المنطقة، إضافة إلى تردد المجتمع الدولي في حل النزاعات في المنطقة العربية، وتركها للتطرف والعنف الذي حذر منه غير مرة بدءا من القضية الفلسطينية التي تجاهل المجتمع الدولي إيجاد حل لها وكذلك الاحتلال الأمريكي للعراق، والأوضاع في سوريا؛ واليمن؛ مما أوجد حلقة من المحيط الملتهب حولنا باتت تضيق الخناق علينا، وبالتالي؛ فإن الدفاع عن الأردن (بعمق) بات ملحا وعلينا أن لا ننتظر إلى أن يقع ما يحذر منه، ويصل المتطرفون إلى عمقنا لاسيما من سوريا.

لقد بدا جلالته حازما في حديثه عن التحالف الدولي ضد داعش، حتى لو بقينا الدولة العربية الوحيدة التي تعمل إلى جانب الولايات المتحدة في سوريا، والتحالف الدولي في العراق، وأكد ثبات هذا التحالف غير مرة، بل ألمح إلى إمكانية تعمّقه، لاسيما مع انتشار داعش الدولي الذي يفرض علينا أن نتبنى منهجاً شمولياً لمحاربتها هذا العام حسب تعبير الملك، فهل هذا التصريح ينذر بآلية جديدة سيتخذها المجتمع الدولي لسحق داعش، والانتهاء من خطرها؟ مما قد ينذر بأمور قادمة تتوافق مع تصريح الملك بضرورة الدفاع عن الأردن بعمق.

أما النزاعات العربية العربية في سوريا واليمن، فلا علاج لها إلا الحل السياسي، ففي سوريا لا بد من إيجاد أشخاص من الداخل للحوار معهم، فإذا ما نجح المجتمع الدولي في ذلك يمكن التوصل إلى ما ينقذ ما تبقّى من سوريا، وأما إذا استمر الوضع فيها على ما هو عليه، فالانهيار مصيرها، والمهم حماية الأردن من تبعات هذا الانهيار طالما أن الأشقاء في سوريا يرفضون خياري الحكمة والسياسة لحماية ما بقي لهم من وطنهم.

ما تحدث به الملك عن الحل السياسي في سوريا هو الرأي ذاته الذي طرحه وكرره في مناسبات عديدة، فلو أن المتنازعين اختاروا الحوار بدل السلاح، لجنبوا وطنهم كثيرا من الدمار والتطرف، ووفروا على شعبهم كثيرا من المعاناة...فهل يتعظ العرب من تجربة سوريا؟!

إن رؤية جلالة الملك للنزاع العربي العربي ثابته، وإطلاق دعوته بوجوب الحل السياسي في اليمن يؤكد ذلك، ففي حديثه عن التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، أعلن أنه بخبرته يدرك حجم التعقيدات هناك، ورأى أن الأفضل انتهاج الحل السياسي للنزاع؛ لأن الضربات الجوية لن تحقق نصرا، بل تدميرا لدولة عربية بأيد عربية، وسقوطا لعدد كبير من الأبرياء ممن لا علاقة لهم بالحوثيين، وأن أي هجوم بري لحسم المعركة يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التعقيد بالنسبة لليمن ذاتها بما في ذلك خيار الحرب الأهلية، وانتشار المتطرفين على حدود دول الخليج العربي.

لاقت دعوة الملك ارتياحا على الصعيد الداخلي، مثلما لاقت استجابة دولية واسعة، فالحوار لا بد منه بين الأشقاء، والحل السياسي هو اختيار حكيم بدلا من الاقتتال بينهم، إذ أثبتت الأيام أن لا أحد يخرج منه منتصرا. إنه توافق آخر لرؤية الملك والشعب، فالأردنيون يحبون الوقوف إلى جانب إخوتهم العرب في محنهم لا مقاتلتهم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :