سطر واحد مختصر تضمن فكرة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي عرضها أمام رئيس وأعضاء المبادرة النيابية ، تفيد بأنه سيعمل على فصل الجامعات عن مجلس التعليم العالي من أجل منحها قدراً كافياً من الاستقلال ، واحتفاظ المجلس بدور رقابي.
وفي اعتقادي أن تلك خطوة طال انتظارها ، ولكنها ليست سهلة يمكن تحقيقها بمجرد قرار يشبه الطلاق ، لأن ذلك الفصل يحتاج إلى ترتيبات وإجراءات من شأنها تعريف معنى الدور الرقابي من ناحية ، ومعنى الاستقلال من ناحية ثانية ، وتحديد المسؤولية المشتركة لجميع الأطراف.
مبعث الفكرة نابع من حقيقة نعرفها جميعا ، وهي تراجع مخرجات التعليم العالي ، وعدم قدرتها على تلبية متطلبات التنمية أو حاجة سوق العمل ، وهي حصيلة ذلك التعليم بشقيه الحكومي والخاص ، وظل السؤال عن الجهة المسؤولة عن ذلك حائرا وضائعا ، ولكن المناقشات التي دارت خلال السنوات الأخيرة أجمعت على أن أحد أهم الأسباب هو الطريقة التي تحكم العملية التعليمية بجميع تفاصيلها !
تعتقد الجامعات أن مجلس التعليم العالي الذي يأخذ في الاعتبار التشريعات والقوانين والأنظمة يحد من حرية حركتها ، وأنه يفرض عليها ما قد لا يكون منسجما مع سياساتها أو قدراتها العملية ، ويعتقد المجلس أنه يحفظ حقوق جميع الأطراف ذات العلاقة ، وصيانة التعليم العالي من الانحدار ، فلا الجامعات أوضحت بشكل مقنع نوع الحرية التي تريدها من أجل النهوض بمسؤولياتها والارتقاء بمخرجاتها ، ولا تحقق هدف المجلس بمنع التعليم العالي من الانحدار !
ذلك هو الحال ، أي أن الجزء الأكبر من العلاقة بين الجامعات ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، ومجلس التعليم ، منصب على المسائل الإجرائية ، وليس على التقييم وإعادة التقييم ، والتفكير في لب العملية التعليمية ، ومعوقات البحث العلمي ، وهذا يعني أن جميع الأطراف قائمة بعملها حسب الأصول من أجل أن تكون النتيجة أزمة حقيقية يدفع ثمنها بلدنا وطلابنا وعائلاتهم ، وطبعا جميع قطاعات الدولة !
لقد حان الوقت لتحديد المسؤولية المشتركة ، ولعلي أدعو إلى عقد مؤتمر وطني يعيد النظر في كل شيء ، ويصيغ عقدا جديدا يليق بتطلعات الأردن ، ويعزز قدرته على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية ، ويلبي حاجاته من القوى البشرية المتعلمة والمؤهلة والمدربة ، وتحقيق النهوض السياسي والاقتصادي والاجتماعي. الرأي