من المستغرب أن الحكومة، واللجنة المالية لمجلس النواب، لم تستطيعا البحث عن بدائل متوفرة لدعم مادة أو مادتين من المحروقات، كالسولار والغاز المنزلي، من أجل تخفيف عبء الغلاء وتغوّل الاسعار على الدخول، للغالبية العظمى من أبناء الاردن.
فلولا قرار جلالة الملك، بإستمرار دعم الأعلاف وتأجيل زيادة سعر أنبوبة الغاز المنزلي إلى ما يزيد عن عشرة دنانير، لأصبحت “جرة الغاز” قطعة مناسبة لتبادل الهدايا، وستكون هدية مناسبة للمقبلين عللى الزواج فثمن “الجرة” مع تعبئتها ستصعد إلى 50 ديناراً.
أما السولار، فيتحدث مختصون عن أن سعره الحالي أعلى من سعره العالمي، مما يدعو إلى الإستغراب من مادة يأتي إستهلاكها في المرتبة الثانية بعد البنزين، مع أننا نصنعها، لكن الحكومة تعتمد تسعير بورصة “بلاتس” في سنغافورة وهي البعيدة عنا الآف الاميال!
أسعار الكهرباء
ونأتي تالياَ إلى سعر الكهرباء، وهي التي ارتفعت بدعوى أن مصر زادت أسعار التزويد، بعد أن تم تزويد المصانع بالمادة، الأمر الذي يعد إخلالا بشروط وأسعار التزويد، وفق ما صرح به السفير المصري، مما يفسر رفع الأسعار على المصانع وليس على المواطنين.
كل هذة القرارات، وتداعياتها من تضخم سيفوق التوقعات الحكومية المُخففة وغير الرسمية المشائمة لتراوح ما بين ?9 حكومياَ و19 الى 24 بالمئة لمقدرين مختصين، يطرح سؤالاً كبيراً حول عدم الاستفادة من الإرتفاع الصاروخي غير المسبوق في أسعار نفطي الأردن: الفوسفات والبوتاس، بعدما جرت خصخصة جزئية لكل من الشركتين في حالة تسرع خسّرت الأجيال مبالغ طائلة من الأموال سنبقى نتحسر على تبديدها، ونلوم قرارات البيع بدلاً من عقود الإدارة والتأجير لحفظ حصة أطفال الاردن في العقود المقبلة.
الفوسفات والبوتاس
فسعر الفوسفات الخام الذي تتنج منه 4.2 مليون طن سنوياً كان يباع عالمياَ بسعر 60 دولاراً للطن في كانون الاول 2006، أصبح يباع الآن بسعر 300 دولار للطن تسليم العقبة ، وذلك حسب نشرة ال أف ام بي الاسبوعية وهي نشرة بريطانية متخصصة في صناعة الادوية، اما مادة حامض الفسفوريك فانتاجنا منه من 25 الى 30 الف طن فكان يباع بخمسماية دولار للطن ، أما الآن فالسعر يناهز الـ 2100 دولار، تسليم موانىء التحميل، وارتفع سعر الــ DAP، وهو سماد اشتد الطلب عليه موخراَ، ننتج منه 600 الف طن وكان يباع بــ267 دولاراَ للطن في نهاية العام 2006 أما اسعار شهر اذار فتعدت حاجز 1100 دولارللطن ، تسليم موانىء التحميل أيضاَ.
وما يحصل مع البوتاس ليس ببعيد فننتج منه نحو 2 مليون طن سنوياَ وكان سعره في نهاية 2006 بحدود 160 دولاراَ للطن اما اسعار اذار العام الحالي فتزيد عن 625 دولارا للطن ًتسليم موانىء التحميل .
هذة الفروقات في الأسعار لم ننعم بها، ولم تستفد الخزينة من عوائدها، وحان الآن موعد الحصول على تعويض ما بفرض ضريبة على قيم واثمان التصدير اي على سعر الطن وليس على كميات الاطنان المصدرة، وبحسبة بسيطة فان كل من الفوسفات والبوتاس ستحقق عوائد تصل الى مليار دولار لكل منها اي ان الشركتين يمكنهما الالتزام كل على حدا بدفع نحو 160 مليون دينار اي نحو نصف قيمة العجز في الموازنة.
وفي إضاءة لما توفر من معلومات فإن البوتاس تورد للخزينة 15 ديناراً للطن بدل رسم تعدين اي ما يعادل عشرين دولاراَ !! أما الفوسفات ونتيجة للتعثر والخسائر المتراكمة لاكثر من سبب منها فشل الادارة، فقد خفضت الحكومة الرسوم من خمسة دنانير الى 1,4 دينار اي نحو دولارين اثنين وحولت الرسوم المتأخرة الى اسهم زادت فيها حصتها في رأس مال الشركة من اجل دفعها الى الربحية وهو ما حصل في العام الماضي، فحققت 46 مليوناَ من الارباح الصافية.
من الممكن ان تقوم الحكومة بفرض ضريبة مبيعات بنسبة 16% على قيمة ما يصدر من البوتاس والفوسفات وليس اساس حجم ما ينتج من المناجم وما يصنع من املاح البحر الميت، فالاسعار العالمية لهاتين المادتين صعدتا مؤخراً وهي مرشحة لمستويات اعلى في العامين الحالي و المقبل.
قد يقول قائل أن الشركتين تدفعان ضريبة دخل ورسوما مختلفة ،واننا يجب ان لانخيف الاستثمار الاجنبي بتغيير أنظمة الضرائب المفروضة على الشركاء الاستراتيجيين ولكن الحقائق الجديدة في الاقتصاد العالمي ان دول العالم تواجه كلها أزمات عميقة تستلزم الضغط للحصول على افضل الشروط وتحسين الايرادات لسد العجوزات المزمنة في الموازنات العامة، وأن ارقام التضخم العالمي في صعود مستمر.
مساهمة الصناعات الاستخراجية
إن دعوة شركات الصناعات الاستخراجية الى مساهمة ما، تبقى انضج من دعوة شركات الخليوي الى سد جزء يسير من العجز فهي الاولى لانها تستثمر ثروات ومقدرات كل الاردنين وخيرها سيعم على الجميع كباراَ وصغاراَ وهذا لايعفي شركات الخليوي من واجبها في هذة المرحلة.
الاسعار العالمية لكل المعادن فاقت التوقعات الطبيعية ولابد للبلد من نصيب في هذا الرواج للبوتاس و الفوسفات المرتبط بانكماش الرقعة الزراعية وازدياد الحاجة الى المنتجات الغذائية بانواعها مما يصنع طلباً غير مسبوق على كل ما في باطن الارض. (عن مجلية اللويبدة الشهرية)