اعادت هآرتس قبل ايام نشر مقالة للكاتب رؤيين بدهشور وذلك في ذكرى رحيله قبل اربعة اعوام، والحقيقة انها اختارت هذه المقالة دون سواها لانها تتعلق بايران وبما توقعه الكاتب قبل عدة اعوام، عندما بدأ الحراك العربي عام 2011، ولم يستبعد الكاتب ان تصل النار الى طهران، لأن ايران كما يقول هي في العمق ذات توجه علماني واذا تعرضت لهجوم خارجي فإنه قد يوحدها لبعض الوقت، ثم تبدأ المساءلة، مقالة الكاتب هي محاولة للتعريف بايران التي يقول بأن بلاده تجهلها، ويقول ان ايران عانت من ازمات اقتصادية حادة، وان هناك سبعة ملايين عاطل عن العمل من الاكاديميين وخريجي الجامعات.
وكان الكاتب رؤيين قد توقع قبل اربع سنوات ان تونس سوف تشهد تحولا في الاتجاه المدني بسبب تركيبها ونسيجها الاجتماعي، وهذا ما توقعه ايضا بالنسبة لايران فإذا حدث فيها تغيير فإنه سيشهد تحولات دراماتيكية لكن بعد مضي بعض الوقت.
بالطبع لم يشهد رؤيين الجولات التفاوضية النووية بين ايران وخمسة زائد واحد كما انه لم يتوقعها، لكنه قال بأن ما الحقته العقوبات الاقتصادية بايران من اضرار كان له بعد ايجابي في تأجيل مساءلات شعبية، لكن ما ان تزول هذه العقوبات حتى يؤدي الانفراج الى حراكات سياسية كانت مؤجّلة، وليس المهم بالنسبة لنا مناقشة افكار الكاتب الذي قال لقارئه العِبْري بأنه يجهل ايران وهي ليست كما يتصورها حتى ساسة وجنرالات في تل ابيب.
ان اعادة نشر المقالة بعد اربع سنوات من كتابتها في هآرتس له اكثر من مغزى، ولعلّ ما أراد الايحاء به على الاقل هو ان ايران ليست دولة ثيوقراطية بالمعنى الدقيق، وانها تتصرف وراء الواجهة الثيوقراطية كدولة ذات مصالح، ولديها استعداد في عقد صفقات ومقايضات سياسية خارج نطاق الفتاوى وأدبيات الدولة الدينية.
ومما قاله في مقالته تلك ان ما حدث في مصر في يناير 2011 قد لا يتكرر في ايران ليس لأنها خارج مدار العاصفة وعدوى الحراكات في الاقليم، بل لأن التركيبة في نظام الحكم اكثر تعقيدا، لكن ما الذي دفع هذا الكاتب الى اتهام قرائه من اليهود وحتى ساستهم بجهل ايران؟
هل هو التركيز على بُعد واحد هو السلاح النووي التي سعت طهران الى امتلاكه ام ان هناك قرائن احتكم اليها وهو يرصد مجمل العلاقات بين ايران والولايات المتحدة دفعته الى الاعتقاد بأن الممارسات الأقرب الى البراغماتية ليست ذات صلة بالواجهة الدينية!
ولو عاش الكاتب حتى اليوم لأضاف الى قرائنه ما يجزم بأن المخفي أعظم لأنه عاش في دولة براغماتية حتى النخاع رغم ان واجهتها ثيوقراطية! الدستور