الضفة ومطاردة مزدوجة لمنع انتفاضتها
ياسر زعاتره
18-04-2015 03:08 AM
عندما يكون في سجون الاحتلال 6500 أسير في الوقت الراهن رغم عشرية تفصلنا عن انتفاضة الأقصى، فهذا يعكس حقيقة ما يجري في الضفة الغربية خلال الأعوام الأخيرة، تحديدا منذ انطلاقة الربيع العربي، وفشل مفاوضات محمود عباس مع الصهاينة، كما عسكتها جولات مختلفة منذ تسلمه السلطة عام 2004.
منذ 2004 ودولة الاحتلال تتمتع بحالة أمن غير مسبوقة، إذا استثنينا المواجهات التي اندلعت مع حماس وقوى المقاومة في قطاع غزة، ومن الطبيعي والحالة هذه ألا يكون في سجون الاحتلال إلا القليل من الأسرى، بخاصة بعد خروج كمية معتبرة من أصحاب المؤبدات في صفقة وفاء الأحرار (شاليط)، وحيث لم يتبق منهم سوى حوالي 480 أسيرا، لكن وجود 6500 أسير يعني أن حملات الاعتقال لم تتوقف منذ ذلك الحين.
السبب الأكبر في ذلك هو أن مطاردة شبح الانتفاضة م زالت تتسبب في زيادة أعداد المعتقلين بشكل دائم، بما في ذلك من يُعرفون بالمعتقلين الإداريين (بدون تهم)،والذين يقبع منهم حاليا حوالي 500 في السجون، وهو رقم كبير يعكس إيمان المحتل بتأثير هؤلاء على المشهد السياسي من حيث تهيئة الأجواء للانتفاضة في الضفة.
وفيما يكتفي المحتلون بعمليات الاعتقال شبه اليومية، وكان أكبرها خلال الأسابيع الأخيرة وجبة يوم الأربعاء الماضي، حيث اعتقل في يوم واحد 31 كادرا وقياديا من حماس، فإن للسلطة نضال أكبر يتجاوز عمليات الاعتقال اليومية أيضا، إلى عمليات إعادة تشكيل للوعي بحيث لا يفكر الناس بالانتفاضة.
وحين يسمح المحتلون، وللمرة الأولى لقوات أمن السلطة بالانتشار في ضواحي مدينة القدس، فهذا يعكس إيمانهم بإخلاص عباس في مواجهة شبح الانتفاضة، لاسيما بعد أن تميزت القدس خلال الشهور الأخيرة بأعمال مقاومة كبيرة، وغالبا عبر مبادرات فردية، فضلا عن بعض الاحتجاجات الشعبية الجماعية.
التعاون الأمني هو البعد الأكبر من أبعاد الجهد الذي تبذله السلطة في مواجهة شبح الانتفاضة، وذلك بتزويد المحتلين بما يريدون من معلومات، وبالصمت على عمليات الاعتقال التي يقومون بها بين حين وآخر، حتى لو تمت فيما يُعرف بمناطق (أ) الخاضعة نظريا لولاية السلطة الكاملة، مع استمرار الاعتقالات والتحقيقات بشكل يومي، ومطاردة حماس وقوى المقاومة؛ مالا وسياسة وخلايا مقاومة، إلى جانب المساجد والجامعات، وكافة مؤسسات المجتمع المدني.
هي عملية أمنية متكاملة، مع عمليات إعادة تشكيل للوعي عبر إشغال الناس بالمال والأعمال والاستثمار، وعبر تجريم حماس بشن حملات إعلامية دائمة عليها، حتى لا ينحاز الناس إليها، ومعها إلى برنامج المقاومة. ومن أسف أن حركة فتح التي تتصرف بروحية القبيلة لا زالت تنسجم مع عباس في جهده المشار إليه.
هو جهد متناسق ويومي بين الاحتلال والسلطة من أجل مطاردة شبح الانفاضة، وكلاهما يعتقد أنه يخدم برنامجه. الاحتلال بهدفه المتمثل في تحقيق الأمن، وعباس بما يراه من برنامج التعويل على التفاوض، وتكريس برنامج السلطة/الدولة، بصرف النظر عن مدى بقائها على هذا الحال، فضلا عن حقيقة أنها تتكرس عمليا كدولة مؤقتة تتمدد تدريجيا لتصل حدود الجدار في نهاية المطاف.
من هنا تبدو مهمة الشرفاء الذي يعملون على إطلاق انتفاضة في الضفة لتغيير مسار القضية وإخراجها من حالة التيه الراهنة بالغة الصعوبة، ولكن لا مناص من استمرار الجهد، والتعويل على شعب عظيم لم يتوقف عن اجتراح المعجزات، وهو يدرك اليوم أي تيه تعيشه قضيته، وحاجتها تبعا لذلك إلى انتفاضة تض قطارها على السكة الصحيحة كقضية تحرر من الاحتلال، وليست قضية مال وأعمال ورواتب، وسلطة تعمل في خدمة الاحتلال. الدستور