لا تتوقف أسئلة محبي «الرأي»، عما يجري في دهاليز وأروقة صحيفة الوطن الاولى، للوصول إلى سؤال: هل سيأتي صباح أردني بلا رأي؟
في إجابتي، لستُ في وارد الطمأنة فحسب، بل تحتم المسؤولية الاخلاقية والادبية والمهنية والوطنية علىَّ سرد الحقيقة أو كشفها، لا فرق..
فقد أضحت لغة الصدّ بين مالكي الصحيفة (إدارة صندوق أموال الضمان 55% من الاسهم) وأصحابها (المواطن المنتفع من الضمان والعامل في المؤسسة) مقطوعة، كما أن لغة المخاطبة والحوار تتم عبر وسائل ربما غير جادة لا تضمر خيراً للمؤسسة أو لها مصلحة خاصة في مصير ومستقبل المؤسسة الأبرز محلياً، ما ينذر بإبقاء الازمة الى ان يشاء المفتي..
دعونا نوضح أكثر؛ يرى الصندوق ومَن خلفه، ان لا علاقة بين العاملين في الرأي ومالكي المؤسسة الا من خلال مجلس إِدارة؛ تقطعت أوصاله وتضاربت مصالح بعضه مع البعض الاخر وأصبح يعقد اجتماعاته الاكثر جدية وحماسة، لا نقول جرأة، في منازل وشركات الاعضاء وليس في طابق المؤسسة الثالث الذي يضم قاعة جميلة كلّفت آلاف الدنانير وكل شيء فيها مسجل لغايات التوثيق..
في المقابل، وللاقتراب أكثر من الصورة، يرى العاملون في الرأي، من صحفيين واداريين وفنيين، أن سوء الادارات هو من اوصل الصحيفة الى ما هي عليه من تخبط وتضارب في الآراء والاجتهادات ومن ثم القرارات غير المدروسة او المحسوبة، لا بمكان ولا بزمان، وليس الذين أفنوا وما زالوا شبابهم في خدمة الكلمة والحرف منذ ان كانت الطباعة بالرصاص الى ماكنة بعشرات الملايين.
وهنا نسأل؛ كيف للصندوق أن يدفع بموظف لا يفقه في علم المال أو الأعمال أو الإعلام شيئاً لادارة اموال شركة صحفية تتعاطى مع 20 مليون دينار سنويا وموجوداتها تزيد على ال 70 مليوناً، وسهمها يتراجع صورياً يوماً بعد يوم وعلى مرآى ومسمع الجميع، ويقع، بعدم درايته ومعرفته، باخطاء تبخرت من خلالها موازنة الصحيفة وما عاد بالمقدور دفع اشتراكات الضمان نفسه أو دفع فاتورة التأمين الصحي أو صرف مكافأة لمجتهد بثلاثين ديناراً لغايات في نفس يعقوب.
من الأفضل للجميع، أن يلمَّ الطابق فلا تفتح ملف «الرأي» لان فيه من الكلام المباح وغير المباح ما يسيء ويجرح الناس «الملاح» و»غير الملاح».. ولهذا لا يجوز ان يترك الصندوق بادارته الحكيمة ان يدير الملف الصحفي بعقلية السهم والدرهم والدولار والربح والخسارة، وبذات الوقت يدفع بمن لا علاقة لهم بالمهنة أعضاءً وممثلين له في المجلس وعندما تقع الفأس بالرأس يدير ظهره ويُحمِّل تبعات الامر الى مجلس لا وزر لبعضه فيه.
وليس خروجاً عن النص، ومن باب الغرابة والطرافة، أن أحد أعضاء مجلس الإدارة طلب مني تقديم عدد الاخبار التي يقدمها كل زميل شهرياً الى المجلس الموقر وكأننا في مصنع أو منجرة..
هنا ومن حيث المبدأ، نسي العضو المبجل واجباته هو، وراح يتحرش بالتحرير والأخبار، ما يدلل على الجهل بالعمل المؤسسي القائم في صحيفة وليس في «بقالة».
وعلى افتراض أن ذلك تمّ؛ هل يقاس نشاط الصحفي بعدد الأخبار أم بانفرادها وتميّزها وأهميتها، فخبر لا يتعدى بضع كلمات ربما يكون أهم من كل الصفحات على مدار شهر كامل..
ومقابل سؤال «العضو» السابق؛ نسأل نحن: هل توفير المصروفات والأموال يأتي بإطفاء الانوار والتقتير على العاملين باصلاح جهاز حاسوب ينجز صحيفتهم او تقليص عدد الصفحات على حساب الجودة والانتاج؟!.. ام ان على الموظف ان يتحمل قرار تعيين مدير عام لعامين ثم فصله وصرف 60 الف دينار له حتى نهاية العقد؟.. أم هل ذلك بوقف استكتاب صحفي في عمان الشرقية ذات المليون بني آدم ب 200 دينار وتعيين مستشار باكثر من الفي دينار شهريا واغلاق مكاتب المحافظات والالوية وهي لا تكلف خزينة المؤسسة اكثر من 21 الف دينار سنوياً..؟.. أم بصرف 45 ألف دينار لمستشارية تقدم حلاً استراتيجياً على الورق لسنوات مقبلة ..
أيهما اولى؛ العمل على تشغيل المطبعة المليونية وانعاش التسويق والاعلان والاهتمام بالاشتراكات والتوزيع ومشكلاته ومنع توزيع الصحيفة على خطوط الملكية دون زميلاتها الا بأجر .. أم الالتفات الى دريهمات يأخذها زميل بعد عشرين سنة امضاها خادماً للكلمة والموقف ليأتي راكب ترانزيت يقرر مصيره ويحرمه من حق في علاج او سفر لتغطية احداث او صيانة جهاز حاسوبي او تطوير موقع الصحيفة الالكتروني او اعادة بناء شكل الصحيفة واخراجها أو إِستكتاب الأفضل للكتابة..
زميل في الرأي، أعلن أنه سيتبرع براتبه، الذي لا يتجاوز 600 دينار وخدمته 16 عاماً، لقاء ان تبقى الرأي منارة ورسالة وموقف خدمةً للأردن وأمنه ومليكه العظيم.
تلكم الايثار والتضحية وليس صم الاذان وعدم الرد على الهواتف وتغليظ العقوبات والتهديد عبر وسطاء والكيل بمكاييل لخدمة شركة يملكها الصندوق فيما تتبخر الاموال حينما تصل المسألة الى الرأي صحيفة الوطن والملك والموقف الشجاع.
الحديث يطول والكرة في مرمى من يعرف ويحرف.. وإن اضطررنا سنلقيها في ملعبه ونمضي..
(وكفى اللّه المؤمنين القتال).
• الكاتب رئيس التحرير المسؤول لصحيفة الراي.
samhayari@gmail.com