قرأت قبل أيام على أحد المواقع الإخبارية خبر عن مدير مكتب لأحد الوزراء يقوم بأخذ هدايا وبالتحديد الكترونية مقابل تسهيل معاملات للمراجعين وتنسيق مواعيد لهم مع الوزير,وبغض النظر سواء كان الخبر صحيحا أم لا, فالغالبية العظمى ممن يقرئون مثل هذه الاخبار يصدقون ما يرد فيها عادة ولا شئ مستبعد على بعض مدراء مكاتب الوزراء والمسؤولين في شتى المواقع.
وجميعنا نتفق على أن وجود مثل هؤلاء في مواقع هامة يعود الى نجاح أو فشل المسؤول في إختيار مدراء مكاتبهم,فالقائد الناجح هو من يختار فريق إداري يعينه بالعمل لتحقيق الإنجاز والتميز فينتقي إدارة مناسبة لديها خبرة في العمل ,وكفاءة عالية لتعينه في مهامه ومسؤولياته والتي تكون كبيرة وثقيله عليه,وبالطبع,لا يكون إختيار ذلك الطاقم الا بناءاً على شروط وآليات مناسبة ليحقق المسؤول العدالة بين أفراد المؤسسة أو الوزارة بعيداً عن الواسطات والمحسوبيات وكذلك التنفيعات الشخصية بحكم المعرفة والعلاقات الاسرية ,ومن المفروض أيضاً أن يضع المسؤول بعين الإعتبار الخبرة التقنية والعلمية وقدرة الموظف على الإنجاز في ذلك العمل,إضافة الى فهم ذلك الشخص للمهمة وحرصه على تحقيق أهداف العمل وليس الأهداف الشخصية كما يحصل في بعض مؤسساتنا حيث يستغل بعض مدراء الكاتب منصبهم وموقعهم لتحقيق منافع شخصية بعيدة عن أخلاقيات المهنه والعمل,فقد يستثمر العمل مع المسؤول نفسه لتحقيق شراكة غير راقيه مبنية على مآرب شخصية وعلاقات غير سامية.
وما يعزز نجاح المسؤول في عمله أيضاً عندما يكون حكيماً ومحنكاً في إختياره لطاقمه الإداري والمفترض أن يمتلك مهارات كافيه للاتصال مع زملائهم في العمل والتواصل معهم والاستماع الى مطالبهم وكذلك إمتلاكهم المرونة الفكرية وقدرتهم على تقبل الجديد وتطوير نمط العمل مما يساعد المسؤول في تحقيق مهامه بكل سلاسة بعيداً عن أي تعقيدات ومشاكل.
وأشيد هنا بنجاح وزير التربية والتعليم الحالي لإختياره طاقم إداري مميز ممثلاً بمدير إدارته الذي كسب إحترام ومحبة الجميع وحظي أيضاً بإحترام المراجعين من كافة الطبقات والمستويات ,فمدير مكتبه لم ينزل على الوزارة بالبراشوت ,ولم يخضع الوزير في إختياره له لضغوطات من أي مسؤول أو وزير سابق ,ولم يقم بتعيينه بناءاً على ورقه تُركَتْ له من وزير أسبق أو توصية من آخرين جلسوا على دفة إدارة التربية والتعليم.
نجح مدير مكتب الوزير في أداء مهمته ,لأدبه وأخلاقه العاليه,وتواضعه في التعامل مع الناس والموظفين ولإستماعه اللبق لكل قضايا المراجعين والمشاركه في وضع الحلول بكل هدوء ودون ضوضاء أو تعالي ولفت النظر,لم يستغل منصبه أو نفوذه الذي إستمده من العمل مع وزير نشهد له جميعاً بقوته وسداد رأيه بل بقي ذلك الموظف المتواضع المتزن بعقله وحكمته وأسلوبه الراقي في التعامل ,أعتبره شخصياً نصير الموظفين وحصتهم ,لا يظلم أحد,وبابه مفتوح للجميع ,نجده إنعكاساً لشخصية القائد من حيث الانتماء للعمل والوطن والتفاني في بذل كل الجهود للسير بالوزارة الى الأمام والتقدم والإزدهار.
تدرج ذلك المدير بمنصبه من عضو الى رئيس قسم ثم مدير الى أن أصبح مدير إدارة,لم نعلم عنه أنه قفز ليصل الى أي مرتبه دون حق وبين ليلة وضحاها دون البقاء في كل مركز حققه ضمن المده القانونية التي تصل به الى الترفيع.
نٍعمَ المدير ونٍعمَ القائد الحكيم الذي عرف كيف يختار ,فهذه سمة من سمات القادة الناجحين الذين يدركون تماماً حجم العمل ويعرفون من يختاروا لتتناسب قدراتهم مع ذلك الثٍقَل الذي على كاهلهم فأحسنوا القرار وأختاروا أيدي تمدُهم بالعون والنصيحة لتحقيق أهداف العمل بشكل مناسب بحيث لا تتراكم عليهم المشكلات ولا يقعون في المصائد والشبهات.
فهنيئا لوزير التربية بإختياره من خلقَ جو من الديمقراطية وعزز العلاقات الودية وفتح قنوات الاتصال مع العاملين بمختلف طبقاتهم والأخذ بأرائهم ومقترحاتهم وإيصالها الى المسؤول الاول وإيجاد الحلول,فكان على قدر طموحات وتوقعات الوزير والأهم أننا لم نلحظ أي استغلال للنفوذ كما يحصل في بعض المؤسسات ونقرأ عنهم في المواقع الاخباريه,وأثبت الوزير حنكته في إختياره ذكرأ لإدارته لعلمه وإدراكه التام بثقل المهام التي تلزمه للبقاء في العمل ولساعات متأخرة ليلاً,وكذلك لمرافقته لبعض المواقع والزيارات الميدانية والتي تكون خارج عن قدرات الإناث الجسدية والفكرية أيضا,إضافة الى إبتعاد الرجل عن رغبته في تملك المسؤول بعكس المرأة تماماً التي لو صحَ لها أن تحتكر المسؤول لنفسها لما قَصرتْ وتكون عادة سببا في وضعه بشبهات هو بغنى عنها فتؤدي الى سقوطه مهنياً كون هذا الأمر حساس في مجتمعاتنا ويرفض بقاء المرأة لساعات متأخرة في العمل, وتقول الكاتبة الشهيرة (أنى رورد) في مقالة نشرتها في جريدة (الاسترن ميل) في عدد 10مايوم 1901: (لأن تشتغل بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم خير وأخف بلاءً من اشتغالهن بالمعامل، حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين فيها الحشمة والعفاف والطهارة رداء..نعم إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلا للرذائل بكثرة مخالطة الرجال، فما لنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت وترك أعمال الرجال للرجال سلامة لشرفها.