مثير للفرح .. ومثير (للقرف) مع الأسف
حمزة المحيسن
12-04-2015 01:22 PM
لقد وصل الذهول فرحا بالبعض أن يصف الربيع الاخضر المبكر في بلادنا إلى أنه يفوق ( خضار ) سويسرا والدنمارك والسويد جمالا والمباهاة على صفحات التواصل الاجتماعي بالصور الزاهية والخلابة لربيع بلادي الممتد من الشمال إلى الجنوب، والبعض منهم خلص أنها ستكون مراعي خصبة لخرافنا سنكسب منها طعما بلديا خالصا في لبنها وجبنها وسمنها..
صدقوني إنني كنت من هؤلاء - فشكرا لله- الذي وهبنا هذا العطاء بعد سنوات طويلة من الانتظار للخضار المبكر في ربوع بلادي، فكم هو مثير للفرح أن تغوص بين اعشابه واشجاره وازهاره الخضراء وان تلتقط لنفسك صورة تزين فيها نفسك بربيع بلادك، وكم هو مثير للفرح والتفاؤل والأمل أيضا أن تتنفس الدحنون والزعتر والشيح والميرمية ِوغيرها من نباتات أرضنا الزهية في وطني لتستبدل روائح عوادم المدينة من مصانعها ومركباتها ومطاعمها التي جعلتنا من الزبائن الدائمين للمستشفيات والعيادات الصحية، وكم هو مثير للفرح أيضا أن تمشي في مساحات شاسعة من المسطحات الخضراء تشتم منها رائحة الأجداد الذين كانوا اوفياء للأرض تستذكر قصصهم حينما كانوا يزرعون ويحصدون وحينما كانوا يرعون الدواب – أكرمكم الله – في هذه المراعي الخضراء..
ربيع بلادي يا سادة أثار في نفسي كما أثار في انفسكم الفرح، ولكن بعد ان تستطلع كل ما سبق من جمال وتشوقك ما تسمعه من دعايات قصص الربيع تلك التي يقصها عليك البعض في أن تذهب إليها متفائلا لكي تنال من مناجاة خضارها جانبا متحملا عناء السفر إليها سيستزفك الالم و(القرف) أحيانا بمجرد الوصول اليها، الروايات والدعايات والصور نعم صحيحة لكنها كانت تخفي تفاصيل أليمة لبعض الجرائم الأليمة والفظيعة التي ارتكبها البعض للأسف حمقا في الربيع والطبيعة ، أكياس من النايلون تخنق الاشجار وبقايا عظام جرائم الطحن والاكل البشري من (المشاوي) تتناثر هنا وهناك ، بقايا فحم أسود قبيح يشوه تربة ذنبها أنها كانت تتفاخر جمالا في طينها الاحمر، (مداليات) من الشاي عالقة بعضها في أغصان نبتة كانت وردة وأصبحت دعاية لمنتج من الشاي، بقايا من أنواع مختلفة من الفاكهة والخضار وكأنها معركة فرضناها عنوة بين الخضار (بضم الخاء) المأكول والخضار (بفتح الخاء) الجديد على من سيكسب معركة الجمال في ربيع بلادي..
نعم إننا محظوظين - ولله الحمد- بهذا الربيع الاخضر وجماله ولكن أخشى ما أخشاه أن يعذبنا الله بان يجعلنا من المحرومين منه إذا ما استمر هذا العبث والفساد والإفساد فيه ومن الواجب هنا على كل منبر إعلامي سواء أكان مرئيا او مسموعا أو مكتوبا يتغنى في ربيع بلادي ان يجعل فاصلا دعائيا ننادي ونناجي أولئك المرتحلين إليه أن يتقوا الله في هذا الربيع وان لا يلوثوه بأسوأ مخلفاتنا، وعلى كل منبر تربوي في البيت والمسجد والمدرسة أن يجهد في غرس السلوك الحسن في أبنائنا نحو الطبيعة وحبها والمحافظة على نظافتها فالنظافة من الإيمان في الروح والجسد وكذلك الأوطان... الربيع هبة جميلة وبديعة من الله فلا تحولوه إلى حاوية نفايات وأجعلوه البوما من الصور الجميلة والذكريات ... - حفظ الله - وطننا وربيع قادم أجمل واخضر واكثر - إن شاء الله -